إقرار ورقة بارّاك يفاقم المأزق اللبناني
الجمعة 8/08/2025بيروت ـ شبابيك
دخل لبنان مرحلة جديدة من التأزيم مع إصرار حكومة الرئيس نواف سلام على حصر السلاح في يد الدولة قبل نهاية العام، رغم إنسحاب وزراء الثنائي من الجلسة، وتحذيرات واسعة لتداعيات الإستجابة للإملاءات الأمريكية.
وجاء في منشور لسلام على منصة “اكس” أن مجلس الوزراء أقرّ “الأهداف” الواردة في مقدمة الورقة الأميركية التي سلّمها السفير توم بارّاك والرامية إلى تثبيت وقف إطلاق النار على الحدود، مشيرا إلى أن الأهداف تتضمن تنفيذ إتفاق الطائف والدستور وقرارات مجلس الأمن، لا سيما القرار 1701، وبسط السيادة اللبنانية الكاملة، مع تكريس حصرية قرارَي الحرب والسلم بيد الدولة وحدها، ووقف الأعمال العدائية بكل أشكالها، وإنهاء الوجود المسلح لجميع الجهات غير الحكومية بما فيها “حزب الله”، ونشر الجيش في المناطق الحدودية والمواقع الحيوية، وإنسحاب إسرائيل من “النقاط الخمس” كما تنص على عودة السكان إلى بلداتهم، وترسيم الحدود مع إسرائيل وسوريا، إضافة إلى عقد مؤتمر اقتصادي دولي لدعم لبنان، وتقديم مساعدات عسكرية إضافية للجيش والقوى الأمنية لتنفيذ البنود المقترحة.
وقال وزير العمل محمد حيدر بعد إنسحابه من الجلسة إن المطلب كان تأجيل مناقشة الورقة الأمريكية حتى نهاية الشهر الحالي للبحث لكن الرفض جاء من الرئيس جوزاف عون وسلام الذين اصرا على المناقشة.
وأشارت الوزيرة تمارا الزين إلى أنه “طالبنا بأن تكون الأولوية هي لإتفاق وقف إطلاق النار الصادر العام الماضي “إلا أن هناك إصرارا من البعض علاوة على الضغوطات على لبنان.
وإعتبر بيان صادر عن “كتلة الوفاء للمقاومة” أن بعض أهل السلطة ينساق وراء الإملاءات الخارجية والضغوط الأميركية وينصاع لها غير أبها بالمصلحة الوطنية العليا ودواعي الوحدة الداخلية.
وأضاف البيان أن تبني سلام لورقة الموفد الأميركي دليل واضح على إنقلابه على التعهدات التي إلتزم بها، مشددا أن التسرع المريب وغير المنطقي للحكومة اللبنانية ورئيسها بتبني المطالب الأميركية مخالفة ميثاقية واضحة ويضرب أسس “إتفاق الطائف”، الذي يحفظ حق لبنان في الدفاع عن نفسه.
وطالبت الكتلة الحكومة اللبنانية بتصحيح ما أوقعت نفسها ولبنان فيه من الإنزلاق إلى تلبية الطلبات الأميركية.
واتسعت دائرة الإنتقادات الموجهة لموقف رئيس الحكومة لتشمل أطرافا خارج إطار الثنائي حيث إنتقد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل “الإنصياع للخارج” داعيا إلى المحافظة على الشكل “على الأقل” وإقرار ورقة لبنانية لا أميركية ولا سورية ولا من اي دولة.
هذا فيما حذرت “هيئة علماء بيروت” من أخذ قرارات تودي بالبلد إلى المجهول. وأكدت “حركة الامة” أن “سلاح المقاومة، الذي تمثله اليوم قوى الشرف، وعلى رأسها حزب الله” سلاح شرعي ووطني، شكّل على مدى العقود الماضية السد المنيع في وجه الإحتلال الصهيوني، والضمانة الحقيقية لحماية السيادة الوطنية، في ظل تخلٍّ واضح من الدولة عن مسؤولياتها الدفاعية.
وعلى الصعيد الشعبي شهدت مناطق عدّة في الضاحية الجنوبيّة لبيروت وصيدا وصور وبلدات في البقاع والجنوب، مسيراتٍ دراجات لأنصار “حزب الله” و”حركة أمل” وتناقلت وسائل التواصل الإجتماعيّ مقاطع فيديو تُظهِر عشرات الشبّان يجوبون الشوارع على درّاجات ناريّة، رافعين الأعلام الحزبيّة ومطلقين هتافات مؤيّدة للثنائي.

وفي هذه المناخات، إتجهت الانظار نحو الجيش حيث نقلت صحيفة “الأخبار” عن أوساط سياسية مطّلعة أن “قيادة الجيش قد تتّجه إلى إتخاذ قرار حكيم يقضي بإعادة الكرة إلى ملعب الحكومة، بإعلان موقف واضح يشترط التوافق السياسي لتنفيذ أي إجراء، وإلّا فإن أي خطوة في إتجاه المواجهة ستكون لها تداعيات خطيرة على المؤسسة العسكرية نفسها”، إضافة إلى ما يعترض الخطة المطلوبة من الجيش من صعوبات ومعوقات، وما تستلزمه من مساعدات مالية وعسكرية ولوجستية، ناهيك عن الغطاء السياسي الضروري لمثل هذا المسار.
وأمام هذا الإستعصاء، صرح الرئيس عون بأن تنفيذ الورقة الأميركية يتطلب ضمانات من أميركا وفرنسا وأيضاً موافقة من سوريا وإسرائيل.