المقلوبة تخلي مكانها للعدس على موائد الغزيين في رمضان
الجمعة 8/06/2018صيدا ـ شبابيك ـ رشا حيدر
كل يوم عدس أو جريش، هذا ما قالته تحرير سعيد 27 عاماً وهي ربّة منزل وأمّ لـ3 اطفال وزوجة شهيد قضى برصاص قوات الاحتلال وهو على مركبه في البحر يصطاد السمك.
عن إفطار رمضان في غزة تقول ابنة مخيم النصيرات لـ “شبابيك” يخلو إفطار الغزيين من كل شيء عدا العدس او الجريش “القمح الاخضر المسلوق” الى جانب الماء والتمر وسلطة الطحينة التي كان لها حضورا خجولا هذا العام.
تستطرد قائلة : صرنا نشحد اللقمة من أصحاب الأيادي البيضاء، أنا زوجة شهيد وعندي 3 اطفال، أصغرهم ما زال يتغذى على الحليب، وما اتقاضاه من معاش الشهداء لا يكفي مصروف مدرسة ابنائي، أصبحت حياتنا عبارة عن عدس وفول وفلافل في الأيام العادية، وأصبحت جلود أبنائي تتقشر من نقص اليود لعدم تناولهم السمك بسبب الحصار المفروض علينا منذ أعوام.
تتساءل أين أصحاب المناصب من أكلنا وأين ضمير العالم الذي يفترش على موائده الرمضانية ما لذّ وطاب ونحن نتخيل العدس لحماً.
وتتحايل في أحداث تنويعات على العدس، أحيانا تضيف اليه الليمون وأحيانا تفت بداخله الخبز المقلي ولتدليل أولادها بعد حصولها على المعاش تضع لهم الجزر وقطع البطاطا.
كغيره من أصحاب الأيادي البيضاء الذين فضلوا اخراج فطرة الصيام كوجبات للفقراء يقول” أبو مجد ” وهو صاحب محل لبيع الملابس النسائية ومن الميسورين في منطقة النصيرات ان ما قمت به هذا العام كان بمثابة الهام رباني، في الأعوام الماضية كنت أخرج زكاة الصيام لعائلتين او ثلاثة أمّا في هذا العام فقررت إطعام الفقراء على غرار ما يحدث في المناطق الاخرى من القطاع رأفة بحال الناس، فأنا صاحب محل ملابس وأسمع شكوى الناس.
يشير أبو مجد في حديثه لـ “شبابيك” الى ان كساد البضائع في محله خير دليل على ما آلت اليه الأوضاع.
ويضيف بأنه قرر شراء العدس بكميات كبيرة وطهوه على الحطب الذي اشتراه على نفقته الخاصة وتقديم وجبات العدس الساخنة يوميات الى ما يزيد عن 150 عائلة.
يستطرد قائلاً بانه فوجئ بإقبال السكان على العدس فالعائلات لا تجد ما تتناوله على الإفطار وما يزيد يرسله الى الجامع ليأخذه المصلون اضافة الى التمر والمشمش المجفف.
“ابني يعتقد العدس سمكا” هذا ما قاله جمال ابو الميس 42 عاما من مخيم النصيرات لـ “شبابيك” ويوضح “ابني الصغير صاحب الاعوام الثلاثة اذا ما قمنا بسؤاله ماذا اكلت سيقول سمك بسبب التخيلات التي نثيرها اثناء تناول الإفطار”.
يستطرد أبوالميس قائلا “أنا جريح وأعمل بائع مناديل ورقية وبيتي يخلو من مقومات الحياة، ولولا قدر الخير ما كان عندنا ما نتناوله مع الماء”.
ويعيد معاناته الى الحصار المفروض قائلا : لولاه كان وضعنا افضل وما ظن الصغير العدس سمكا.
يقول تاجر الدجاج محمد صالح انه منذ بداية رمضان حتى اليوم لم يبع سوى ثلاث دجاجات وبطة وديك رومي واحد مشيراً الى ان “الناس هنا أصبحت نباتية وتبكتر طرقاً للحصول على الغذاء”.
ويضيف ان هناك من يأتي لشراء أنثى وذكر من كل طير ويربي فراخهم ويأكلها بعد مدة وهناك من شطب اللحوم بأنواعها من لائحة طعامه واستبدلها بالعدس والبقوليات والباميا.
ويوضح صالح انه حتى في يوم الجمعة المعروف في غزة بانه يوم العائلة واللحم “لم نعد نبيع اللحم، حتى المقلوبة غابت عن موائدهم، وحلّ مكانها وجبات أقل ثمناَ، بسبب ضيق الحال” مشيراً الى ان اكثر السكان يعيشون تحت خط الفقر وحالة عدم الأمان الغذائي بسبب الحصار والبطالة التي وصلت الى70% في المخيمات داخل القطاع.