حراكات غزة تعري أزمة التنسيق الفلسطيني في لبنان
الثلاثاء 8/05/2018صور ـ شبابيك ـ ايمان جمال الرفاعي
تركت تفاعلات القوى الوطنية الفلسطينية في لبنان مع حراكات قطاع غزة التي بدأت مع ذكرى يوم الأرض عدداً من الأسئلة بعضها قديمة تتكرر مع كل حدث يرتبط بالقضية الفلسطينية والأخرى جديدة.
لعل أبرز الأسئلة التي تطفو على السطح أن الفعاليات التي تجري في مخيمات لبنان أقرب الى الجزر المعزولة البعيدة عن العمل المشترك، فقد لوحظ خلال الأسابيع الماضية أن كل فصيل يقوم بفعالياته الخاصة في الوقت الذي تتسم مسيرات العودة الكبرى وبقية فعاليات الداخل بالتنسيق والعمل المشترك.
للوقوف على هذه المسألة ومحاولة تطوير الأداء ليتناسب مع الحدث ويستجيب لمزاج عام راغب في تجاوز حالة الإنقسام طرح “شبابيك” السؤال على قادة العمل الوطني الفلسطيني في لبنان.
يقول عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ومسؤولها في لبنان علي فيصل: إن ما تدعون إليه من عمل موحد بين الفصائل والهيئات والأطر الوطنية المشتركه لدعم مسيرات العودة يُعبر عن مسؤولية وطنية وحرص وطني لفعل فلسطيني يرتقي لمستوى تضحيات شعبنا في قطاع غزة وباقي أماكن تواجده.
عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ومسؤولها في لبنان علي فيصل |
ويضيف أن السؤال المطروح يكتسب أهميته الآن إنطلاقاً من طبيعة المخاطر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته وفي كل أماكن تواجده جراء صفقة القرن الأميريكية التي تضع حلولاً تصفوية لكامل القضية والحقوق الوطنية وفي المقدمة منها حق اللاجئين في العودة، وحق شعبنا في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على كامل الأراضي المحتلة بعدوان ٦٧ وعاصمتها الأبدية مدينة القدس العربية، مما يُعد تطابقاً ودعماً كاملاً لحكومة التطرف اليميني الإسرائيلي برئاسة نتنياهو ومشروعها الإستيطاني التوسعي والتهويدي العنصري.
وشدد على أن التحدي يستدعي إنهاء الإنقسام الذي يشكل عاملاً معيقاً للحركة الشعبية، والتحلل من إتفاق أوسلو وقيوده الأمنية والإقتصادية التي تؤثر في منسوب المشاركة الشعبية والإرتقاء بالوحدة الميدانية إلى الوحدة السياسية لتوفير الإجماع والإرادة السياسية الجامعة في إطار إستراتيجية موحدة ثباتها المقاومة والإنتفاضة الشعبية وتدويل الحقوق الفلسطينية ومعاقبة إسرائيل على جرائمها لمواجهة صفقة القرن والإحتلال على طريق إنهائه وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وإنتزاع حق العودة وتوفير المساواة القومية لشعبنا في المناطق المحتله عام 48.
ويرى أن من حق كل فصيل أن يكون لديه نشاطاته الخاصة ليعبر عن سياسته ومواقفه وتزخيم الجهد النضالي لكن ينبغي أن يوظف هذا الجهد بإتجاه العمل الموحد المشترك بعيداً عن التنافس الفئوي الضيق وهذه ظواهر موجودة خاصة في ظل الإنقسام ومحاولة تجيير حتى الفعل الموحد لأحد أطرافه أو لكليهما معاً.
ويُعبر عن إعتقاده بأن دور القيادة السياسية الفلسطينية في لبنان تراجع عما كان ينظمه من عمل موحد جراء تباينات آنية بفعل حال الإنقسام نسعى لحلّها بالعديد من اللقاءات مع سفير دولة فلسطين الأخ أشرف دبور، والعديد من القوى والفصائل لإستعادة العمل الموحد على مختلف المستويات، وتنظيم التحركات الموحدة الداعمة لمسيرات العودة والتحضير لإحياء سبعينية النكبة كرد مباشر على صفقة القرن وتأكيداّ لتمسك اللاجئين بحقهم في العودة، وإنهاء اللجوء في سياق النضال والمقاومة لإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وإلغاء القوانين العنصرية بحقه في سياق النضال لبناء دولة فلسطين على كامل أرضها التاريخية.
وفي سياق تشخيصه، يرى فيصل أن محدودية دعم السلطة الفلسطينية للمسيرات وعدم إتخاذ الخطوات الجدية لحمايتها، يلعب دوراً سلبياً في إطار غياب وحدة الموقف وتوفير الدعم لها على مختلف المستويات الفلسطينية والعربية والدولية.
ويؤكد أن تجربة غزة في الآونة الأخيرة عبر قيادة اللجنة الوطنية العليا لمسيرات العودة، وكذلك تجربة لجنة المتابعة العليا لشعبنا في المناطق المحتلة شكلت نموذجاً متقدماً في إدارة المعارك ضد الاحتلال بشكل موحد، الأمر الذي يجب تعميمه على مختلف التجمعات الفلسطينية خاصة إدارة الإنتفاضة في الضفة الفلسطينية وقيادة حركة اللاجئين الفلسطينيين في بلدان الشتات، بما يودي الى وحدة راسخة بين جموع مكونات الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه وأمانيه الوطنية المشروعة.
وفي رده على سؤال “شبابيك” يقول عضو قيادة اقليم لبنان في حركة فتح علي خليفة إن الحركة تسعى دائماً لتغليب مصلحة فلسطين العليا على المصالح الفتحاوية الخاصة، لذلك كانت حركة فتح ولا تزال الأحرص على شراكة جميع القوى والفصائل الفلسطينية في كافة شؤون الشعب الفلسطيني وكافة التحركات في لبنان وفي فلسطين، ويضيف: تلك قناعتنا الثابتة تجاه شعب وقضية يستحقان الوفاء كاملاً من الجميع.
عضو قيادة اقليم لبنان في حركة فتح علي خليفة |
وعن غياب العمل المشترك في العديد من الفعاليات في لبنان، يقول إن الجواب برسم القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، وأتمنَّى أن لا تكون المسألة متعلِّقة بمرجعيات ودول تملك القرار الحصري في الأمر.
يضيف خليفة: ما يهمّني كمسؤول في حركة “فتح” هو التأكيد على أهمية وصوابية العمل الجماعي، وعلى وحدة القرار والنضال الوطني المشترك، لأنَّه الأفعل والأنجح في دعم مسيرة شعبنا ومنح الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس الثقة التي يستحق للإستمرار في الدفاع عن قضيتنا ومقدساتنا.
ويشير الى أن “انعكاس الواقع السياسي القائم بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة حماس والذي كانت آخر وقائعه محاولة إغتيال رئيس الحكومة ورئيس المخابرات العامة، والضغط السياسي الدولي على القيادة الفلسطينية، والمواجهة المنفردة للقيادة إنعكس سلبيًّا على العمل الفلسطيني المشترَك على الساحة اللبنانية لكنه عبر عن إعتقاده بأنَّ ذلك لن يطول، وستتم معالجة الموقف لإعادة إحياء العمل الفلسطيني المشترك في لبنان قريبًا.
ويؤكد على أن مَن أطلق برنامج مسيرة العودة هي الفصائل الفلسطينية مجتمعة وعلى رأسها حركة “فتح” رغم محاولات البعض عدم إبراز دورها في المواجهات اليومية مع العدو الصهيوني لحسابات فصائلية.
وإتهم حركة “حماس” بمحاولة تغييب الفصائل ودورها في المواجهة، مشدداً على أن قرار حركة “فتح” الإستمرار في دعم جهود المصالحة الفلسطينية لتكريس الوحدة الفلسطينية سّداً منيعاً في مواجهة كافة المؤامرات على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
من ناحيته، قال مسؤول الجبهة الشعبية في منطقة صور أحمد مراد إن تجارب الشعوب وحركات التحرر أثبتت أن الوحدة هي أحد أهم ركائز تحقيق الانتصار، مشيراً الى أن الشعب الفلسطيني اكتوى خلال مسيرته الكفاحية ولا يزال بنار الانقسام والاختلافات ودفع بسببها الاثمان الباهظة “ما يفرض على شعبنا ونخبه السياسية والثقافية والاجتماعية العمل على إنهاء هذا الإنقسام البغيض وإنجاز وحدته الوطنية بما يحقق لشعبنا أهدافه الوطنية غير القابلة للمساومة أو التجزئة أو التفريط.
مسؤول الجبهة الشعبية في منطقة صور أحمد مراد |
ويؤكد أن المطلوب تكثيف الانشطة وإبتداع الاشكال التي تساهم في تحقيق الاهداف المنشودة مما يستدعي زيادة التنسيق والتعاون بين الجميع لتوحيد الجهود من أجل فعاليات أكثر قوة وحضور جماهيري وأوسع مشاركة شعبية.
في المقابل، يؤكد مراد على حق كل مكون في إقامة الانشطة الخاصة التي تخدم الهدف المنشود شرط أن لا تكون بديلاً عن العمل الوحدي، وأن تصب في خدمته.
ويشير في هذا السياق الى أن المخيمات الفلسطينية شهدت العديد من الأنشطة المشتركة بمشاركة جميع الفصائل وكانت تحركات ناجحة وكان يمكن أن تكون أفضل وخاصة فيما يتعلق بتأمين مشاركة شعبية أوسع في تلك التحركات.
ويرى المسؤول السياسي لحركة حماس في شمال لبنان أحمد الأسدي أن الساحة اللبنانية هي ساحة إسناد لكل قضايا أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل، على الصعيد الإعلامي والتحركات والفعاليات، لكن هناك تفاوت بين منطقة وأخرى.
المسؤول السياسي لحركة حماس في شمال لبنان أحمد الأسدي |
ويوضح الأسدي بأنه في بيروت والجنوب والبقاع غالباً تكون التحركات لفصيل واحد منفرد، ويختلف الأمر في منطقة الشمال حيث كل قضايا أبناء شعبنا وكل الفعاليات والتحركات المساندة للداخل تكون بإسم الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية في المنطقة، مشيراً الى إن في ذلك عنصر قوة.
عنصر القوة الذي أشار إليه الأسدي ينعكس على المشاركة الجماهيرية حيث جرت العادة على أن تكون التحركات حاشدة في الشمال.
ويستطرد قائلاً إن هناك قضايا عامة غير مختلف عليها مثل القدس واللاجئين وحصار غزة والمقاومة التي توحد الجميع.
ويشير إلى إجتماع دوري للفصائل واللجان الشعبية في منطقة الشمال لمناقشة القضايا السياسية التي تهم أبناء الشعب الفلسطيني وأهم ركائز العمل في هذا الاطار تعزيز العلاقات اللبنانية ـ الفلسطينية وحماية الشعب الفلسطيني في المخيمات والمطالبة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في حياة كريمة إلى حين عودتهم، كما تم تشكيل اللجنة الأمنية في مخيم البداوي وكانت نموذجية حيث حققت خلال شهرين إنجازات كبيرة في إعادة الأمن والإستقرار الى المخيم.
لدى تقييمه للتحركات التضامنية في الساحة اللبنانية يقول إنها لم ترتق للمستوى المطلوب فهناك ضعف في الحشد والتفاعل يعود الى وجود فجوة كبيرة بين الشعب والفصائل الفلسطينية بسبب ضعف إمكانيات وقدرات الفصائل على تلبية حاجات أبناء شعبنا، وهناك أيضاً موضوع تقليصات الأونروا الذي زاد من حياة البؤس والظروف المعيشية الصعبة مما يضطر “أبناء شعبنا” للذهاب الى تأمين لقمة العيش لأبنائهم مما يؤدي إلى ضعف الحشود في التحركات.