logo
زوجة أسير الزمن الموازي “دقة” تحلم بكتابة أشعار “التونسي” على تمثال الحرية
الثلاثاء 17/04/2018

صور ـ شبابيك ـ ايمان جمال الرفاعي

في تاريخ 23 آذار 1986، وصل الاحتلال إلى رشدي أبو مخ، وليد دقة، وإبراهيم بيادسة من بلدة باقة الغربية قضاء حيفا، واقتادهم إلى السجن بتهمة خطف وقتل جندي صهيوني، وحكموا بالسجن المؤبد مدى الحياة لكل منهم، ومن ذلك الحين يرفض الاحتلال الإفراج عنهم عبر الصفقات التي اعقبت اعتقالهم إضافة إلى 30 أسير فلسطيني آخر، يُعتبرون خطاً أحمر يُمنع الحديث عنهم في أي صفقة قادمة، منهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعباس السيد وعبد الله البرغوثي.

الأسير وليد نمر دقة من مواليد 1961، ولد في فلسطين المحتلة عام 1948، في مدينة حيفا ، أحد أعضاء الخلية الفدائية التي قامت بخطف وقتل الجندي موشي تمام سنة 1984، أمضى حتى هذه اللحظة في السجون الصهيونية 32 عاماً، وترفض سلطات الاحتلال الإفراج عنه. تزوج وليد من الصحافية سناء سلامة في السجن عام 1999، وحصل على درجة الماجستير في الديمقراطية من الجامعة المفتوحة، ومرة أخرى في الدراسات الإسرائيلية من جامعة القدس.




عقد قران الاسير وليد دقة وزوجته الصحافية سناء سلامة

 تروي سناء ل”شبابيك قصتها مع وليد وكيف ارتبطت به قائلة: “تعرفت على وليد عام 1996 خلال عملي في جمعية أنصار السجين وهي جمعية كانت تُعنى بشؤون الأسرى وتم عقد قراننا في العام 1999”.

برز الأسير وليد دقة في تحديه المتميز لإرادة المحتل، وهو في سجنه أحد قيادات الحركة الأسيرة وما زال يجسد معاناة الاسرى ويحمل آمالهم لاسيما اسرى فلسطين المحتلة عام ثمانية وأربعين.

تضيف سناء: “من المؤكد أن العمر الذي امضاه وليد في السجن ولا يزال يقضيه عمر كامل وطويل لم يزده إلا صلابة ووعي وثقافة عالية ورقي عال في التعامل مع مختلف القضايا وأهمها متابعة شؤون الآسرى وخاصة الأجيال الجديدة التي تدخل السجون ومحاولة توفير النموذج النضالي لهم ومنحهم صلابة مقاومة السجان، فرصة الدراسة، التعلم الخ.. ولا شك أن قضية الأسرى تأخذ من وليد حيزاً كبيراً بسبب محاولاته المستمرة في الحفاظ على قوة وثقل الحركة الأسيرة ووزنها الذي صنعته خلال كل السنوات الماضية”.

وعن وضعه الصحي تقول الزوجة سناء: “يعاني وليد من كثافة في الدم ويخضع شهريا في المستشفى الى عملية فصل دم، وهذا ما كان يقلقني عليه تحديدا عندما عزلته مديرية السجون، فقمنا بالعديد من المظاهرات والمسيرات لإخراجه من عزلته”.

ولكن بالرغم من وضعه الصحي الدقيق فإن الأسر لم يفت من عضد وليد دقة يوماً. فإلى جانب إكمال دراسته الجامعية، برز كقائد في نضالات كل الأسرى، وسياسي مثقف كتب الكثير من المقالات والدراسات، التي تم اعتمادها أيضاً داخل السجون والمعتقلات.  

ومنذ العام الماضي وهو يمثل تحدياً من نوع آخر لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن تم تحويل نصه في الأسر “الزمن الموازي”، إلى مسرحية قدمت على مسرح الميدان في حيفا، وقامت على أثرها قيامة إسرائيل.

يقول وليد دقة في نصّه، عن حالة السجين ونظام حياته في الأسر، أنها تسير في زمن موازٍ للزمن الذي يعرفه بقية الناس، ولمن لا يضربه برد السجون.




مخطوطة بيد الأسير دقة

وجاء في النص “نحن لمن لا يعرف في الزمن الموازي قابعون فيه قبل انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوڤيتي ومعسكره الاشتراكي.. نحن قبل انهيار سور برلين وحرب الخليج الأولى والثانية والثالثة… قبل مدريد وأوسلو وقبل اندلاع الانتفاضة الأولى والثانية، عمرنا في الزمن الموازي من عمر هذه الثورة وقبل إنطلاقة بعض فصائلها.. قبل الفضائيات العربية وانتشار ثقافة الهمبورجر في عواصمنا.. بل نحن قبل اختراع الجهاز النقال وانتشار أنظمة الاتصالات الحديثة والانترنت.. نحن جزء من تاريخ، والتاريخ كما هو معروف حالة وفعل ماضٍ إنتهى، إلاّ نحن ماضٍ مستمر لا ينتهي.. نخاطبكم منه حاضرًا حتى لا يصبح مستقبلكم”.

عن امنياتهم وأمالهم تقول سلامة نتمنى أن ينعم الشعب الفلسطيني بحياة كريم وبالحرية والاستقلال، و أن نرى يافا فلسطين، وقد تحررت وأن نسكن فيها أيضاً، وأن نسافر ونرى العالم معاً .

وتضيف قائلة : لو اتيحت لي الفرصة أن اخط عبارة “لابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر” سأخطها على «تمثال الحرية» في أميركا الإرهاب. وهناك أمنية نحلم بتحقيقها وهي إقامة جمعية لأطفال غزة وربما نتبنى من هناك طفلا أو طفلة لأن الإحتلال حرمنا من هذا الحق، فقد كانت هناك محاولات لانجاب طفل ولكن للاسف لم تنجح.

وتستطرد قائلة: حلمنا سوياً بأن يكون لدينا طفل، لقد أعد له وليد اسماً رائعاً، وكتب له نصوصاً حالمة: “اكتب لطفل لم يولد بعد…اكتب لفكرة أو حلم بأن يرهب .. السجان دون قصد أو علم، وقبل أن يتحقق.. اكتب لأي طفل كان أو طفلة…اكتب لابني الذي لم يأت إلى الحياة بعد.. اكتب لميلاد المستقبل، فهكذا نريد أن نسميه/نسميها، وهكذا أريد للمستقبل أن يعرفنا”




متظاهرون يحملون صور الاسير دقة خلال تظاهرة في نعلين في الضفة الغربية

رسالة وليد وسناء الى العالم هي وقف الظلم والقهر والإحتلال، وأن يعيد الغزاة ما سرقوه بالقوة وبالنصب والإحتيال بمساعدة العالم!

سجل الاسير وليد دقة الكثير من المواقف البطولية التي لا مجال لحصرها، لكن من اكثر المواقف التي لم تنساها سناء وستبقى راسخة في ذهنها وعقلها ووجدانها كان عندما وضعوه في العزل ونجح في تهريب كلمات قليلة مكتوبة على ورق الدخان الفضي. كتب فيها أنه «لو وضعوني تحت الأرض السابعة فسأجد طريقي إليكم”.

مشاركة