شاتيلا يقدم تجربته في التخلص من النفايات لمخيمات لبنان
الخميس 7/03/2019صيدا ـ شبابيك ـ ملك زمزم
تراجع الحديث عن ملف النفايات في لبنان رغم إستمرار تبعاته الصحية والإقتصادية والسياسية ليتجه المتضرر الأول وهو المواطن اللبناني إلى ما يجيده وهو التأقلم مع واقعه.
وصفت منظمة هيومان رايتس ووتش الأزمة بأنها أزمة صحية وطنية بعد ما أدت إليه من مشاكل صحية تثير مخاوف اللبنانيين، خصوصا أن الإجراءات التي تتبعها السلطات لا تصب في مصلحة البيئة أو السكان، حيث يلقى بكميات هائلة من النفايات إلى البحر مباشرة، كما يتم حرق ما لا يقل عن ١٥٠ مستودعا للنفايات كل أسبوع في المتوسط حسب ما أدلت به وزارة البيئة مما يؤدى إلى أمراض عديدة، كالأمراض التنفسية والسرطانات وأمراض القلب والجلد.
يفاقم الامر ضعف الخدمات الطبية التي لا تستوفي ما يلزم لمعالجة ما يطرأ من مشاكل صحية حيث بات السكان وخصوصا الأطفال منهم يعتمدون إعتمادا كبيرا على المضادات الحيوية، مما يشكل خطرا على المدى البعيد.
فيما يتعلق بالحل الأكثر أمنا ومنطقية، أي إعادة تدوير النفايات، معظم المؤسسات المسؤولة عن هذا الأمر مقفلة، وغير مجهزة بالكفاءة والجودة المطلوبة للقيام بالمهمة، علماً بأن نفايات لبنان غير مفروزة، مما يجعل المهمة شبه مستحيلة، ففي عام ٢٠١٧ مثلا كان هناك ما يتجاوز الـ ٨٠٠ مكب مفتوح في جميع أرجاء البلد ممتلئة بالنفايات المختلطة من مواد عضوية، وبلاستيك و مواد أخرى.
في ظل الفساد السياسي، وغياب دور الدولة في حل هذه الأزمة وتجاهلها مسؤوليتها تجاهلا كاملا تجاه هذا الملف، قامت بعض الجمعيات والناشطين البيئيين ببعض التحركات والحملات على صعيد فردي ومناطقي في محاولة لحل الأزمة، كان آخرها حملة “صيدا بتعرف تفرز”، وهي حملة مجتمعية تمت بجهود جمعيات أهلية بالشراكة مع شركة (أن تي سي سي) تحت رعاية بلدية صيدا، أخذت على عاتقها مسؤولية توعية السكان ونشر ثقافة الفرز لديهم، عن طريق حملات توعوية تتضمن الذهاب إلى المنازل والأحياء والمباني والمحلات، ليتم بعدها التوعية والإخبار عن المكبات ذات اللون الأحمر التي سيتم توزيعها في كافة الأحياء.
تحدثت إحدى المسؤولات عن الإشراف على هذه الحملة بشكل إيجابي عند سؤالها عن النتائج، حيث أشارت إلى أن “الناس بدأت بالفرز، وهذا ما أكد عليه العاملون في شركة (أن تي سي سي)، بالرغم من بطئ التغيير”.
وبذلك بات على الأفراد مسؤولية ودور لا يقلان أهمية عن دور المعنيين في السلطة لحل هذه المسألة، حيث يسهل التصرف بالنفايات المفروزة من مصدرها.
تنص الخطة قيد التنفيذ، على إرسال النفايات العضوية إلى معمل سماد وتحويلها، أما النفايات الصلبة فيتم بيعها في معظم الأحيان كي يعاد تدويرها لاحقا، على أمل أن يتم تفعيل دور الدولة، كون هذه الإجراءات مؤقتة و ليست حلا دائما.
يصح القول أن القيام بمثل هذه الخطوة (أي فرز النفايات المنزلية على صعيد الأفراد) واجب وطني، و مسؤولية فردية تصب في صالح الأفراد ذاتهم، والمجتمع ككل، ولبنان الوطن.
المخيمات الفلسطينية جزء لا يتجزأ من الأراضي اللبنانية، تتأثر بمحيطها كباقي المناطق، وبذلك كان لها نصيبها من الآثار السلبية للأزمة، بالرغم من صعوبة الحياة المعيشية في المخيمات يحرص سكانها على نظافة منازلهم وشوارعهم وحاراتهم لذا كان ولابد أن يتم إيجاد بعض الحلول وإن كانت مؤقتة.
قلة من الشباب الفلسطيني أحدهم الشاب بهاء عقلة كانوا يقومون بهذه الخطوة حيث بدأو مشروعا صغيرا بهدفين الأول الحد من النفايات في المخيم والثاني الإستفادة منها لتأمين فرصة عمل.
بدأ المشروع في منطقة سكنهم “مخيم شاتيلا” وكانت الفكرة تنمية ثقافة الفرز لدى سكان المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث يقومون بزيارة المنازل يوميا يوزعون أكياس مخصصة للفرز ويجمعون النفايات مقابل إشتراك شهري بسيط تبلغ قيمته 7000 ل.ل و من هنا يقومون ببيع المواد الصلبة والتي يُعاد تدويرها، أما المواد العضوية فهي الوحيدة التي تنتهي في مكبات النفايات.
قال بهاء إن المشروع لقي نجاحا باهرا من حيث التجاوب مع الفرز، فقد إشترك بحدود الـ 300 منزل خلال سنة أي منذ بداية المشروع. والمفاجىء بالأمر أن كثيرا من العائلات كانت تقوم بالفرز وتعطي المواد الصلبة لمن تعرف أنه قد يستفيد من بيعها ويتقاضى منها أجرا يقتات به.
قال عقلة إنهم كانو يتلقون المواد الصلبة والنفايات المفروزة حتى من العائلات غير المشتركة في المشروع.
نجاح المشروع ساعد الشباب على تلقي المساعدات التي قد تضمن إستمراريته، حسب ما أعلمنا به تكفل مشروع الشباب الفلسطيني بتأمين الأدوات اللازمة للقيام بالمهمة على أكمل وجه، مع التأكيد على أن إستمرارية المشروع تعتمد بشكل كبير وأساسي على إستمرار السكان في دعمه ولعب دور فيه.
كان أمل الشباب من هذا المشروع التخلص من النفايات في مخيمهم ونشر فكرة وثقافة في باقي المخيمات وادى نجاحهم الى تحويل تعميم الفكرة لخطة قيد التنفيذ.