صباح: نظرة العرب للمعاق دونية والمانحين قتلوا روح التطوع
السبت 27/01/2018بيروت – شبابيك ـ لميس ياسين
“مساواة” من أهم مراكز التأهيل للمعوقين الفلسطينيين في لبنان، تأسست عام 2008 لكنها من الناحية العملية قديمة حيث كانت تعمل تحت اسم اخر عام 1983 وهو “جمعية المساعدات الشعبية النرويجية” ومنذ ذلك الحين تحولت من جمعية دولية الى جمعية محلية.
يتوزع عمل جمعية “مساواة” على عدة مجالات ابرزها تأهيل وتقديم الخدمات للأشخاص ذوي الاعاقة، كما أطلقت مؤخرا مشاريع جديدة كمشروع تقديم الرعاية الصحية الأولية، ومشروع تمكين الشباب وهي تجربة جديدة بالنسبة للجمعية.
ويعمل في “مساواة” 75 شخصاً مقابل دخل مادي، تتراوح اعمارهم بين 17-60 عاما يغلب عليهم العنصر النسائي، بالاضافة الى عدد كبير من المتطوعين.
في حديث خاص لموقع “شبابيك” قال قاسم صباح المدير التنفيذي لجمعية “مساواة” “ان الجمعية ليست خدماتية بحتة بقدر ما هي جمعية فلسطينية وطنية كل عملها وخدماتها تصب في أجندة فلسطينية داخلية تملكها الجمعية وهي صمود الشعب الفلسطيني ومساعدته على توحيد وتنظيم صفوفه، وتوعية الشباب الفلسطيني حول حقوقه، ومساعدة اللاجئين على الصمود وعدم التنازل عن حق العودة تحت الضغوط، ونساهم أحياناً في حملات حق التملك والعمل”.
وعن الخدمات التي تقدمها الجمعية لذوي الاعاقة، أشار صباح الى انها تشمل الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين، ومن بينها العلاج الفيزيائي، العلاج الانشغالي، والعلاج النفسي بالاضافة الى تقديم الادوات المساعدة من كراسي وعكازات واطراف اصطناعية وسماعات وغيرها من اللوازم الاساسية التي يحتاجها الشخص المعاق، لافتاً الى أن أهم المشاريع الحالية للجمعية هي إدماج الأطفال ذوي الإعاقة في المدارس مع الاطفال غير المعوقين واقامة نشاطات دمج كافة الاطراف.
ولمساواة 7 مراكز: المركز الرئيسي في مخيم مار الياس في بيروت، 3 مراكز في صيدا وعين الحلوة، مركز في وادي الزينة، مركز في مخيم البص في صور، ومركز في بر الياس البقاع الأوسط، وتملك عيادة متنقلة بين المخيمات تقدم خدمات طبية.
وفي رده على سؤال حول مصادر التمويل، أوضح صباح ان أغلب مصادر التمويل متأتية من الأوروبيين، مؤكداً “عدم الخضوع لأجندة الممول بل اننا نخضع الممول لاجندتنا أحياناً حيث يفرض بعض هؤلاء شروطهم علينا ولا نوافق بالطبع لان هذا الموضوع بالنسبة لنا مبدئي، وعندما يكون هناك شروط من قبل الممول نرفض التفاوض معه”.
وبالنسبة للعراقيل أمام التمويل، قال صباح “منذ تأسيس الجمعية عام 2008 ومع الدخول الى المستنقع العربي عام 2011 اصبح التمويل العربي واجندته السياسية أوضح وأقوى وأقسى من الاجندة الاجنبية، ويرجع ذلك الى قصور النظرة العربية للمعوقين عن النظرة الاوروبية، والممولين العرب يريدون النتائج فوراً وهذا مستحيل لان العمل مع الأشخاص المعوقين يستغرق وقتاً طويلاً اي من 5 الى 6 سنوات”.
وحسب صباح تتعرض “مساواة” لمشاكل عدة، من بينها “عدم قدرتنا على انشاء مشاريع انتاجية تدر مال للجمعية وتجعلها مستقلة” رغم أن أحد خطط وأهداف الجمعية هو تأمين رأسمال ووديعة تحافظ على المصاريف الادارية الاساسية للجمعية على الأقل، لكن للأسف كنا عندما نقع في مشكلة في التمويل لاحد مشاريعنا نضطر لاستخدام ما وفرناه”، مردفاً “اذا توقف التمويل يوماً ما لا يمكننا الاستمرار”.
في سياق حديثه يشير صباح الى ان “الجمعيات الاجنبية بالتعاون مع الجمعيات المحلية قتلت روح التطوع عند الشباب الفلسطيني ونحن من الجمعيات التي تحاول إعادة هذه الروحية بين الشباب الفلسطيني واللبناني وغيرهم من منطلق وطني”. وأضاف: “ما زالت الكثير من الجمعيات الاجنبية تعمل في الوسط الفلسطيني بالتعاون مع جمعيات فلسطينية محلية تدفع ما يسمى “بالبوكيت ماني” أي مصروف للمتطوعين وهذا بحد ذاته يقتل روح التطوع ويصبح الهدف منه الحصول على وظيفة في الجمعية”.
وتطرق صباح الى هجرة الشباب الفلسطيني الى الخارج فقال: “نحاول ان لا نعطلها ولا نقاومها ولكن نحث ان تكون هجرة واعية لانه من الصعب ان تمنع شاب فلسطيني عاطل عن العمل أن يغادر او على الاقل تقدم له البديل، ونسعى كجمعية ان نبقى على صلة معه ونشجعه ان يبقى نصيرا للقضية الفلسطينية”.
ورداً على سؤال حول تقييمه لوضع المعوقين الفلسطينيين في لبنان، رأى صباح ان نسبة كبيرة من الاشخاص المعوقين في العالم العربي واينما وجدوا لا زالوا يعانون من التهميش، واذا كانت الخدمات مؤمنة تبقى غير كافية لتحسين اوضاعهم. ودعا الى تغيير جذري في النظرة للاشخاص المعوقين، مشيرا الى ان الجمعية ناضلت 40 سنة لتغيير هذه النظرة ولكن يبدو ان العقل العربي لايزال قاصراً عن تقبل الاشخاص ذوي الاعاقة، حتى في الدول العربية ذات الخدمات العالية. وأعرب عن اعتقاده بأن المسألة مسألة موقف اتجاه المعوقين.
وأشار صباح أن المعوق قد يعاني من مشاكل تؤثر على نفسيته وصحته، كـ “مشكلة قبوله لدى الناس، اضافة الى الدور الكبير الذي يلعبه الأهل والمؤسسات في تشجيعه او احباطه”. وأكد الى اهمية التفريق بين الاعاقات السمعية والبصرية والحركية والعقلية.
أما حول الرؤية المستقبلية لأوضاع المعوقين الفلسطينيين في لبنان، فوصفها صباح بالقاتمة، قائلا: “على الرغم من اننا اكبر جمعية تقدم الخدمات للمعوقين الا انه في الآونة الاخيرة تحول كل الدعم للسوريين لان الفلسطينيين اصبحوا مشكلة العالم الدائمة والمشكلة السورية مشكلة آنية، ونتيجة لذلك اصبحت الاولوية الآن للسوري”.
وذكر ان الممول يعتبر ان الاونروا المظلة الدولية التي تعطي للشعب الفلسطيني اضافة الى الفتات الذي تقدمه منظمة التحرير الفلسطينية للناس، فالفلسطيني صامد لكن وضع السوري مختلف اليوم لأن المسألة آنية. ثم تساءل الصباح “هل يقدم لليمن ما يتم تقديمه لسوريا” ليصل الى ان الدافع غير انساني.
وعن عمل جمعية “مساواة” في سوريا، أعرب صباح عن حماسه لان تنطلق “مساواة” في سوريا لكنه لا يريد ان تُحسب “مساواة” على اي طرف سياسي.
في هذا السياق، لفت صباح الى ان من أسباب تبدل الاولويات عند المانح انه لا توجد مساعدات بدافع انساني