logo
متاهة قانون التملك تقض مضاجع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
الإثنين 10/09/2018

صور ـ إيمان جمال الرفاعي وأمل الرفاعي/ صيدا ـ رشا حيدر/ طرابلس ـ عدنان الحمد

عانى فلسطينيو لبنان على مدى ١٧ عاماً مضت ولا يزالون من قرار مجلس النواب الذي أُقر عام ٢٠٠١، حيث عدل المرسوم ٦٩/١١٦١٤ المتعلق بإكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية والعقارية في لبنان ويمنع تمليك أي حق عيني من أي نوع لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها أو لأي شخص إذا كان التملك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين، وفُسر التعديل بأنه جاء لمنع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من إكتساب حق التملك العقاري.

بناء على التعديل وتفسيراته جرى حرمان الفلسطيني على الأراضي اللبنانية من كافة حقوقه المدنية والإجتماعية والإقتصادية، مما ألحق ضررا إقتصاديا بالفلسطينيين حيث عمد بعضهم إلى تسجيل عقاراتهم بأسماء لبنانيين أواشخاص لا يشملهم القانون.

وفي حال وفاة أحد المسجلة العقارات باسمائهم تعود الأملاك إلى ورثته وليس إلى صاحبها الأصلي، الأمر الذي يلحق ضررا معنويا وماديا ويحرم الشباب الفلسطيني من إمتلاك عقار يسكنه.

وأدى القرار أيضا إلى حرمان الفلسطيني من توريث العقار إلى ذويه، الأمر الذي دفع بالبعض على إبقاء شققهم دون تثبيت الملكية العقارية.

وكان للتعديل إنعكاساته على الكثافة السكانية في المخيمات والتجمعات حيث تفاقم عدد السكان بسبب زيادة معدل الولادات كما تزايد البناء العشوائي وحصر الوجود الفلسطيني داخل بقع جغرافية محددة.

قُوبل القرار لدى صدوره بموجة من الغضب في الشارع الفلسطيني واللبناني ووصف بالعنصرية لا سيما وأنه يتناقض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإعلان الأمم المتحدة الذي هدف للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. كما أنه يتعارض مع المادة ٥١/١٣ من الإتفاق الخاص باللاجئين بالإضافة إلى تبادل

التمثيل الدبلوماسي وفتح سفارة لدولة فلسطين عام ٢٠٠٨ في بيروت وقبول لبنان التعامل مع جوازات السفر الصادرة عن السلطة الفلسطينية.

هذه المعطيات دفعت جمعيات المجتمع المدني إلى الإستمرار في دق ناقوس الخطر والمطالبة بإلغاء القرار.

يقول مدير عام الهيئة ٣٠٢ للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي ل”شبابيك”: في تقديري لا يمكن الحديث عن موضوع تملك اللاجئ الفلسطيني في لبنان دون التطرق إلى قرار حظر إدخال مواد البناء للكثير من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين إلا بترخيص من الجيش اللبناني وبضوابط مشددة.

ويشير إلى أن القرار اتُخِذ في 1 كانون ثاني 1997 وشمل في البداية مخيمات الجنوب الخمسة “الرشيدية والبص والبرج الشمالي والمية ومية وعين الحلوة” ثم شمل مخيمات أخرى.

ويضيف أن الحراك السلمي الضاغط حقق نتائج محدودة، فقد تم إستئناف إدخال مواد البناء في تاريخ 23 تشرين ثاني 2004 لكن بتاريخ 14 حزيران 2005 عاد وتجدد قرار المنع.

ويبدي هويدي إستغرابه من قرار عدم إدخال مواد البناء رغم تضاعف أعداد اللاجئين الفلسطينيين منذ نكبة فلسطين في العام 1948 إلى حوالي 400% حسب سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئيين الفلسطينيين “الأونروا” مشيرا الى بلوغ عدد اللاجئين إلى لبنان سنة 1948 حوالي 127 ألف لاجئ.

ويضيف ان الاجراء ترافق جاء مع قرار من السلطات اللبنانية بمنع اللاجئ الفلسطيني من التمدد في البناء إلى خارج حدود المخيم المتفق عليها بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” والدولة اللبنانية، ويأتي مع حرمان اللاجئ من حقه في تملك منزل خارج حدود المخيم منذ العام 2001.

ويؤكد على مخالفة هذه القرارات للمادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للعام 1948 التي تنص على أن “لكل فرد الحق في التملك بمفرده أو بمشاركة الآخرين ولا يجوز حرمان أحد من حق التملك” مشيرا إلى أن القانون يبيح التملك لجميع الأجانب بإستثناء الفلسطيني المقيم في لبنان، الأمر الذي دفع المنظمات المتخصصة بحقوق الإنسان إلى إعتباره قانونا “يحمل في طياته شيئ من العنصرية”.

يضيف هويدي أن جميع القوى الفلسطينية ومعها الكثير من القوى والأحزاب والمرجعيات اللبنانية والمنظمات غير الحكومية المحلية والإقليمية والدولية والمتضامنين مع حقوق الشعب الفلسطيني توحدت في مطالبتها بضرورة إلغاء قانون منع الفلسطيني من التملك.

ومن بين الفعاليات التي نُظمت لرفض هذه الاجراءات يشير إلى لقاء بلدية صيدا في 20 شباط 2018 الذي نظمته حملة الملكية العقارية للاجئين الفلسطينيين في لبنان دون جدوى.

يقول هويدي إن القانون يخضع لتوازنات سياسية وطائفية داخلية لبنانية لا شأن للفلسطيني فيها، اذ ينظر بعض الكتل النيابية إلى أن توفير الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للاجئ الفلسطيني في لبنان ومنها حق التملك يساهم في تكريس التوطين ونسيان حق العودة، بخلاف ما ينظر إليه اللاجئ بأنه أحد العوامل الرئيسية لمساعدته في العيش بكرامة إلى حين العودة.

وفي هذا السياق يدعو هويدي إلى مراجعة جادة من أصحاب القرار في لبنان، مع ضرورة الضغط السياسي والشعبي للتراجع عن قانون غير موضوعي اتُخذ قبل أكثر من 15 سنة.

ومن ناحيته يصف مدير شؤون اللاجئين في حركة حماس في شمال لبنان جمال شهابي قرار الحكومة اللبنانية بعدم السماح في تملك الفلسطيني بأنه عنصري بإمتياز ومخالف للأعراف والقانون الدولي وحقوق الإنسان وجاء ليفاقم حالة اليأس التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني في لبنان وقد يدفع الكثير إلى قبول التوطين أو التهجير.

ونوه شهابي إلى أن الفلسطيني في لبنان من أهم الركائز التي يبنى عليها الإقتصاد اللبناني مشيرا إلى وجود مستثمرين وأصحاب رؤوس أموال وتحويلات المغتربين الفلسطينيين إضافة إلى وجود يد عاملة فاعلة وقوية ساهمت في تنشيط العجلة الإقتصادية وإزدهار البلد.

وأضاف أن معظم أصحاب رؤوس المال الفلسطينيين كانوا يعملون في بيع وشراء العقارات وكان المغترب الفلسطيني يحول أمواله ليشتري بها عقار أو بناء تجاري. ويستطرد قائلا إن القرار الجائر الذي إتخذه مجلس الوزراء والقاضي بعدم أحقية الفلسطيني في التملك إنعكس سلبا على الفلسطيني حيث إنكفأ معظم الفلسطينيين عن العمل في مجال العقارات خوفا على أموالهم وأملاكهم التي لا يوجد وريث لها في حال وفاتهم.

وذكر أن في تسجيل البعض عقاراتهم بأسماء لبنانيين أو أجانب مخاطرة كبيرة لعدم وجود مستندات قانونية تثبت ملكية الفلسطيني للعقار. وأضاف أنه حتى معظم الذين إشتروا قبل عام ٢٠١١ إضطروا لبيع عقاراتهم وهذا إنعكس سلبا على الحياة الإقتصادية.

وأفاد بأن الإكتظاظ السكاني المخيف في المخيمات والذي يعود بعضه إلى هذا القرار سينعكس سلبا على الوضع الأمني داخل المخيم مما يدفع الكثير من الفلسطينيين للتفكير في الهجرة إلى الدول الاوروبية. وفي حال فرض التوطين على الفلسطيني سيقبل به ليرتاح وهذا لا يخدم اللبنانيين الذين يضيقون على الفلسطينيين بحجة منع التوطين.

ما زال قانون التملك العقاري المجحف بحق اللاجئين الفلسطينيين ساريا رغم الحملات المستمرة لتغييره وتوالي الحكومات والمجالس النيابية مما يعني إستمرار إفرازاته التي تطال الفلسطيني واللبناني معا ويملي إستئناف التحركات التي تعيد دق ناقوس الخطر بين الحين والأاخر على أمل الخروج من المتاهة.

مشاركة