logo
مخيمات بلا اسواق
الإثنين 29/01/2018

شبابيك ـ برج الشمالي- إيمان جمال الرفاعي، عين الحلوة – أمجد صالح، أدهم حمود، ربا رحمة، الجليل – وائل محسن، نهر البارد – عدنان الحمد

جرت العادة على التعامل مع الاسواق باعتبارها مؤشرا للحياة الاقتصادية وربما المجتمعية، نشاطها يعني شيئا وكذلك وجودها وغيابها، بناء على هذه المقاييس يجري تحديد القوة الشرائية للسكان، وأوجه نشاطهم الاقتصادي، ولا يشكل المخيم الفلسطيني في لبنان استثناء لهذه الاعتبارات.

مخيم برج الشمالي الواقع في جنوب لبنان ويسكنه قرابة ٢٢ الف لاجيء لا يوجد فيه سوق شعبي واحد، كانت هناك تجربة في هذا المجال مدعومة من منظمة “world vision” بالشراكة مع الاتحاد النسائي العربي الفلسطيني، كان من المفترض أن تستمر لمدة سنتين إلا أنها لم تدُم لأكثر من أربعة أشهر.

يقول أحمد جمعة، المشرف على المشروع أنه تم العمل على موضوع التنمية الاقتصادية داخل المخيم والتي كانت عبارة عن شقين: الشق الاول هو عبارة عن العمل مع ارباب العمل من خلال تشارك الخبرات وقصص النجاح، اما الشق الثاني فكان عبارة عن زيارات ميدانية إلى الاسواق الشعبية في مناطق لبنانية متعددة والتعرف على التجار الرئيسين لشراء البضائع بأسعار مناسبة. وبناء على الزيارات تم تشكيل لجنة من تجار المخيم مؤلفه من ٥ اشخاص طرحوا فكرة انشاء سوق شعبي اسبوعي في المخيم وتم تطبيق فكرة السوق عند مدخل المخيم وكان هناك انطلاقة ضخمة للمشروع حيث حضر اكثر من ٧٠٠ شخص للمشاركة. لكن السوق بدأ بالتراجع بعد فترة وخفت حركة الزبائن، وتم اقتراح نقل السوق الى شارع اخر اكثر حيوية بالاضافة الى اقامة العديد من الانشطة التشجيعية للزبائن، ومع ذلك فشل السوق في استعادة حيويته.

 يرى جمعة أن فشل السوق يعود الى عدة أسباب بينها عدم وجود تنوع في البضائع المباعة حيث اكتفى التجار بعرض منتوجات واصناف محددة، بالاضافة الى عدم التزام البائعين بأسعار الاسواق الشعبية التي تتميز برخصها، وتراجع جودة المنتجات المباعة من البضائع المعروضة، مما أدى لعزوف المستهلكين عن شرائها.

هذه الاسباب أدت الى خسارة السوق الذي كان من شأنه ان يحسن الاوضاع الاقتصادية وأن يوفر فرص عمل للعديد من الشباب العاطلين عن العمل والى ازدهار وتطور المخيم من خلال استقطاب السكان من المناطق المحيطة لزيارة المخيم وشراء حاجاتهم وبالتالي تحريك العجلة الاقتصادية والخروج من حالة الركود الاقتصادي.

لا يختلف الامر في مخيم الرشيدية جنوب لبنان الذي يعتبر من اكبر المخيمات مساحة، حيث يفتقر المخيم لوجود سوق تجاري تباع فيه البضائع، بالرغم من مساحته الكبيرة وعدد سكانه الذي لايستهان به. 

حاول الكثير من المسؤولين وانطلقت العديد من المبادرات الشبابية والمساهمات الفردية لتنظيم سوق تجاري، كونه يفتح بابا لفرص العمل وتحريك الركود الاقتصادي، الا أن عدم وجود مكان في وسط المخيم كان ابرز العقبات التي واجهت بناء السوق، مما يضطر سكان المخيم للسير مسافات طويلة من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه لشراء حاجاتهم اليومية من بعض المحال.

يختلف الوضع في مخيم عين الحلوة الواقع في مدينة صيدا عن مخيمات صور حيث يوجد سوق تجاري دائم يضم عشرات المحال التجارية لبيع الالبسة والاحذية والاكسسوارات والخضار بالاضافة الى البسطات، بعض التجار من سكان المخيم، والبعض الاخر نزح من سوريا واستقر في المخيم. ويمتاز السوق برخص بضاعته وتوفرها بكثرة، وكان قبل الأحداث الأخيرة مقصدا للصيداويين وللمقيمين في الجوار، لكن السوق يتعرض لانتكاسات عديدة بسبب الاوضاع الامنية غير المستقرة والأحداث الأمنية المتكررة.

 يؤكد تجار سوق مخيم عين الحلوة أنه بمجرد غياب التوتر والتوقف عن إطلاق النار العشوائي والإشكالات الفردية والحوادث الأمنية، تزدهر الأوضاع الأقتصادية في المخيم ويتحرك السوق التجاري.

يشير تجار المخيم الى أن حركة السوق التجاري في عين الحلوة قائمة فقط على رواده من داخل المخيم، أي من السكان والمقيمين فيه والوافدين إليه، لاسيما ان عدد سكان المخيم مع النازحين يتجاوز ال 100 الف شخص.

دعت اللجان الشعبية  قيادة القوى الأمنية للحفاظ على الإستقرار والأمن في السوق. كما أكدت لجان السوق التجاري عزمها التحرك لإحياء وتنشيط فعاليات التسوق في المخيم لتنشيط حركة البيع والشراء وجذب الزبائن الى المخيم، وتطرقت في اجتماعاتها لعمل عروض وتخفيضات خاصة لأن الجميع يعاني من ضائقة مالية واقتصادية.

مساحة مخيم الجليل الصغيرة في بعلبك وبيوته المتلاصقة وضيق أزقته لا تسمح بوجود أي سوق بداخله. يحتوي المخيم بين حاراته على محلات صغيرة فقيرة بمحتوياتها تلبي الحاجات اليومية، بينما يشتري السكان حاجاتهم المتنوعة الاخرى من التعاونيات خارج المخيم نظراً لغناها بكافة أنواع المنتوجات. كما يتوافد كافة الاهالي يومي السبت والاربعاء الى سوق الطرش الذي يلبي حاجاتهم من الخضار والفواكه والحاجات المنزلية، وهو سوق شعبي كبير، يقصده أغلب سكان البقاع.

ويعتمد الاهالي على سوق بعلبك التجاري لشراء مستلزماتهم من الملابس والاحذيه. فالمخيم لا يحتوي الا على محلين او ثلاثه تفتقر الى البضائع ذات الجودة العالية والموديلات العصرية.

قبل الحرب التي حدثت عام 2007 والتي دارت بين الجيش اللبناني وفتح الاسلام وأسفرت عن تدمير مخيم نهر البارد، كان يزور سوق المخيم سكان البلدات القريبة مثل المحمرة والعبدة وببنين وبرج العرب وتل حياة وغيرها من المناطق المجاورة، وتوسعت بقعة الاستقطاب لتصل إلى مدينتي طرابلس وحلبا.

وكان ذلك سبباً لافتتاح المزيد من المحلات التجارية وخصوصاً محلات الألبسة والأحذية بسبب الطلب المتزايد عليها. ومن أبرز العوامل التي ادت الى توسيع السوق هو تحويل بعض الاهالي الطوابق السفلية من بيوتهم محالات للإيجار، وأصبحت المحلات تمتد على طول 1.5 كلم إبتداء من أول المخيم وحتى مشارف بلدة العبدة.

بعد الاحداث تدهورت الحالة الاقتصادية والتجارية في المخيم بسبب خسارة الكثيرين لرؤوس أموالهم، وعدم وجود تسهيلات من قبل الشركات التي كانت تعمل قبل الحرب، وضعف حركة دخول اللبنانيين الى المخيم بسبب الحالة الامنية والتشديد على الحواجز.

يتضح بؤس الاسواق في مخيمات لبنان اذا تمت مقارنتها بمخيمات سوريا قبل احداثها الاخيرة حيث كان مخيم اليرموك يمتاز بشوارعه العريضة وأبنيته العالية والشوارع المعبدة والواسعة. ولم تكن أسواقه تشبه أسواق المخيمات الأخرى فهي عبارة عن أسواق كبيرة تضم محلات تجارية وبنوك ومطاعم ومقاهي ومراكز ثقافية ومشافي ومخافر للشرطة وسينما وشركات للكهرباء والهاتف ونوادي رياضية وشركتي الاتصال الخليوي سيريتل و MTN ومراكز للانترنت وألعاب الكومبيوتر للأطفال. كما يوجد العديد من محلات ألبسة الرجال والنساء والأطفال التي تحمل أسماء أهم الماركات وأحدث الموديلات وأجود البضائع.

الكثير من شركات الألبسة الجاهزة الحاصلة على امتيازات عالمية افتتحت فروعاً لها في المنطقة، وأصبحت تعتمد على سوق المخيم لتصريف فائض كميات بضائعها بأسعار مخفضة. وكان الزبائن يقصدون سوق اليرموك من كل مناطق دمشق، ويستطيع الغني والفقير التسوق فيه

مشاركة