logo
البزري: الواقع الفلسطيني في لبنان يتجه نحو الاسوأ
الجمعة 9/03/2018

بيروت ـ شبابيك – ايمان جمال الرفاعي

تستعيد دلال البزري في كتابيها “دفاتر الحرب الاهلية اللبنانية” و”سنوات السعادة الثورية” بعض تجربتها الحياتية والسياسية لتسلط الضوء بجرأة على مفاصل ما زالت غائبة عن المراجعة حول الحرب ومخلفاتها والتشوهات التي تتركها في الذين يعيشونها والاخفاقات المتلاحقة للمتحاربين. حاور “شبابيك” البزري عبر الانترنت وحرص على التوقف عند بعض المفاصل للحصول على اجابات تفض الغموض الذي يكتنف المدى المنظور. وفي اجاباتها ظهر واضحا ادراكها لقتامة الراهن ومخاطر المستقبل الذي يهدد شعوب المنطقة بمزيد من التشتت والمعاناة …

  • كان واضحا تناولك لسنوات الحرب الاهلية اللبنانية من منظور نقدي، في كتابك “دفاتر الحرب الاهلية اللبنانية” هل اردت المراجعة، ام محاكمة وعي تلك المرحلة؟

ـ الغرض من كتابة “دفاتر الحرب الاهلية” ليس “المراجعة النقدية”، ولا “محاكمة” تلك المرحلة، كما تسألين. إنما محاولة الخوض في هاجس المصير الخاص للأشخاص الذين عاشوا الحرب. فالحرب تغير المصير، ولكن كيف، بأية صدفة، بأي تفصيل، صغير أو كبير من مجريات الحرب، بأي التقاء للارادرات، أو تنافر بينها، أو تصارع؟ هذه أسئلة طرحها عليّ المشهد السوري اليومي في شوراع بيروت، في اوائل الحرب السورية، عندما كان الهاربون منها يتدفقون بفوضى هائلة على العاصمة، غيرت من مشهدها المألوف، وأشرتُ في مقدمة الكتاب الى هذا الدافع. 

  • باعتقادك هل كان الخلل في سطوة الموروث ام عدم تجذر الفكرة في الاحزاب التقدمية التي شاركت في تلك المرحلة؟

ـ أي خلل؟ أي موروث؟ الحرب مزيج من خلل وموروث وجديد، الحرب نفسها هي الخلل، أو بالاحرى التعبير الأصدق عن الخلل.

  • تعاملت مع العامل الفلسطيني بذكاء في كتابك، كان حاضرا غائبا مرة وغائبا حاضرا مرة اخرى، ولكنه في الحالتين لم يفقد جوهريته في الازمة اللبنانية، هل رغبت في التقليل من اثره ام حاولت تحييده؟

ـ لم ارغب بغير سرد ما عشته شخصيا في الحرب، وما رواه لي الذين عاصروها ممن اعرفهم، وبالقدر الذي تسمح به ذاكرتي الخاصة. إذ مضى على الحرب ما يقارب النصف قرن، وقد تكون الذاكرة اثناءه قد تراخى عصبها. انه شهادة، متأخرة ربما، متحيزة ربما. العامل الفلسطيني كان مرتبط عضويا بالوضع اللبناني اثناء الحرب، وليست الرغبة بالتقليل من اثره او تعظميه سوى انحياز او انحياز مضاد.

  • لاشك في ان تلك المرحلة احدثت تفاعلات في الادائين السياسيين اللبناني والفلسطيني، باعتقادك ايهما اثر في الاخر، وايهما استفاد اكثر من تلك التجربة؟

ـ التفاعلات بين الاداءين الفلسطيني واللبناني، والاستفادة من التجربة المشتركة يقعان خارج موضوع كتابي. انا لم احلل، ولم انظّر، ولم استنتج، ولم اخلص الى دروس. فقط سردتُ.

  • برأيك كيف يمكن تخليص الوجود الفلسطيني الراهن في لبنان من تبعات تلك المرحلة؟

ـ ليس من تبعات تلك المرحلة، وانما من تبعات كل المراحل التي مر بها الشعب الفلسطيني، بداء من اقتلاعه من ارضه وانتهاء من حرمانه من ابسط مقومات العيش، مرورا بمحاولات حروب التحرير الشعبية التي ارتبطت بها الحرب الاهلية اللبنانية، وانتهت بفشل ذريع.

  • تتردد بين الحين والآخر سيناريوهات حول مستقبل الوجود الفلسطيني في لبنان، واعني هنا المخيمات المنتشرة من الشمال الى الجنوب، كيف تتصورين شكل هذا الوجود على ضوء التطورات المتلاحقة؟

ـ لا استطيع ان اتصور الا الأسوأ. وبوادره الاولى قطع المساعدات الاميركية عن الاونروا.

  • اشرت في احد الفصول الى ما وصفتيه بـ “اللغز الشرقي الجديد” لتلخيص تعقيدات معادلة اجتماعية ـ سياسية الى اي حد غادرت مجتمعاتنا ذلك المربع؟

ـ ما زال اللغز يتصاعد ويصعّب علينا فهم ما يدور حولنا وتفسيره. والقضية السورية حمّالة الغاز أشدّ.

  • جاءت منظمة العمل الشيوعي التي انتسبت اليها للاجابة على اسئلة وتلاشت بعد سنوات، باعتقادك ما هي الظروف التي ادت الى ولادتها، والى اي حد استطاعت الاجابة على الاسئلة التي ولدتها؟

ـ منظمة العمل الشيوعي، كغيرها من الاحزاب اليسارية الحداثية التي بزغت في خمسينات القرن الماضي وامتدت حتى اواسط ثمانيناته، هي ابنة عصرها، او روح عصرها، الذي شهد طغيان الفكر اليساري حتى وسط الجماعات غير اليسارية. لم تجب المنظمة ولا غيرها من الاحزاب الشقيقة على اي سؤال.

  • طغت روح النكتة على كتابك “سنوات السعادة الثورية” وتراجعت هذه الروح بعض الشيئ في كتابك “دفاتر الحرب الاهلية اللبنانية” هل اقتضى فعل المراجعة واحتمالات التأويل قدرا اكبر من الجدية ؟

ـ فرق ان يكتب المرء عن اولى مراهقته في بيروت ما قبل الحرب، التي كانت تعج بحبها للحياة، وأن يكتب عن الحرب التي اندلعت من بعدها. يصعب بعد ذلك الاحتفاظ بروح النكتة…

  • لو عادت بنا السنوات الى تلك المرحلة بوعينا الحالي اين تجدين نفسك في تلك المعادلات المعقدة؟

ـ لا استطيع الاجابة. لا اعرف.

 

ـ تنشر بالتزامن مع موقع الملحق الثقافي في صحيفة الدستور الاردنية.

 

 

 

 

 

مشاركة