التشكيلية ديب ل “شبابيك”: تأثرت بدالي ولوحاتي وطني
السبت 28/04/2018صور ـ شبابيك ـ ايمان جمال الرفاعي
كانت لنا زيتونة مع مرور الوقت تهادت أغصانها وصار ظلها استراحة محارب وملتقى عشاق يخطون أول حروف أسماءهم على جذعها ومحراب زاهد وملاذ عابر طريق يهادن الزمن في رحلة طويلة من بلد لآخر ومحطة انتظار لعائد من خلف البحار، لا يحترف رسمها إلا أصابع تجترح الحكاية فتحولها لمشهد جميل يتصدر لوحة متناسقة الألوان في عالم متناقض وواقع متشابك.
لألوان الفنانة التشكيلية الفلسطينية المقيمة في الولايات المتحدة منال ديب شيفرتها التي تجعل الرسم أعمق من فكرة وأبلغ من وصف، حيث تميزت لوحاتها الفنية بتسليط الضوء على قضيتها الأم القضية الفلسطينية والقدس والتعبير عن المعاناة من الاحتلال والهجرة والتهجير.
تُعرف على نفسها بأنها تشكيليه فلسطينيه من قرية دير طريف التي تقع على طرف السهل الساحل الفلسطيني، هاجر اَهلها إلى مدينة رام الله حيث ولدت، وبعد حصولها على شهادة الثانوية العامة هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتكمل دراسة الفن التشكيلي ثم درست علم النفس والعلاج عن طريق الفن، وأقامت العديد من المعارض المتنقلة في مختلف دول العالم وتم عرض لوحاتها الفنية في العديد من المعارض الدولية منها مقر الأمم المتحدة.

تقول خلال لقائها مع “شبابيك” ان الرسم هو ملجأها الوحيد في الغربة وأعمالها بمثابة الوطن الذي حملته معها منذ سنين، فمن خلال الرسم تضع أفكارها أمامها وتتحاور معها.
تُضيف “لوحاتي هي وطني الذي حملته معي منذ سنين عديدة، هي وجه أمي ورائحتها، هي لغتي العربية وهي تلف الوجوه الأنثوية كشال من العزة والثقة والاستمرار في الحفاظ على الهوية الفلسطينية”.
تشير الى أن الفن يربي الحواس من خلال الواقع محولاً المجهول الى معلوم، يزيد الوعي، الفن هو شكل متخصص من العمل الإبداعي، عبره يكتشف الناس العالم ويكتشفون صفاتهم وقدراتهم كبشر، وهو ادراك الجمال والوعي للفرح والقفزة الشديده للقوه الإنسانيه.
لدى حديثها عن الفنانين الذين أثروا بها تشير الى الفنان التشكيلي الإسباني سيلفادور دالي أحد رواد الحركة السريالية، التي تأثرت بسيجموند فرويد وتؤمن بقدوم الصور من اللاوعي.
تتطرق ديب خلال اسهابها بالحديث عن السوريالية الى تأثر السورياليين بالاحلام في رسوماتهم لاعتقادهم أن لها معانٍ خاصة يجب ترجمتها.
تتبع الاسلوب التعبيري فهي لا تطمح من خلال لوحاتها لتجسيد الحقيقة الخارجية كما هي بقدر ما ترغب في تسليط الضوء على العوالم الداخلية “سواء لنفسيتي الفلسطينية انا بالذات او لنفسية المتلقي أيا كان” لدى مشاهدته لهذه الاعمال.
تشير الى أنها لا تخطط مبدئيا للعمل ولكن من خلال قراءاتها للشعر العربي أو الفلسفة وعلم النفس تجد نفسها في حالة روحانية توصلها الى اللاوعي عند شروعها بالعمل مع الفرشاة والالوان.
يعجبها في الخط العربي جمالية التعرج والتشكيل الذي اكتشفته حين مزجته مع تعاريج خطوط الوجوه الأنثوية من أعمالي، أحيانا تجدة تتمة للأنف أو الحاجب من معالم وجة المرأة وفي أحيان أخرى تجلس الحروف على كتفيها كما الشال، وللشعر العربي وقع خاص في نفسيتها وعاطفتها الامر الذي يبدو جليا وواضحا في أعمالها الفنية، وعند سؤالها تشير الى أن “المذهب الصوفي والعشق أضاف الكثير على اللامرئي والخيال في منتج اعمالي”.

عن الرسائل التي تحاول ايصالها تقول هي صور من مكنونات القلب بما يحتويه من حنان وحنين للأرض البعيدة مكانيا القريبة من الروح، مشيرة الى ان هذه اللوحات تطرح الحوار بين الشعر والريشة “يحمله المشاهد معه حتى يشكل الحكاية من جديد حسب تجربته الشخصية مع الحياة”.
لدى سؤالها حول ما حققته تشير ديب الى مشاركتها في عدة معارض فردية وجماعية في واشنطن ونيويورك وبوسطن وكاليفورنيا وشيكاغو وإسبانيا وإيطاليا والباكستان، ومن اهمها معرض فردي يمثل فلسطين حيث عرضت أعمالها في مركز الامم المتحدة في نيويورك لمدة ثلاثة أشهر.
بين المعارض التي شاركت فيها ما يشجع الفن الاسلامي والتي أقيم احدها في تكساس واخرى تناصر المرأه ابرزها المعرض المتنقل الذي يحمل عنوان (أنا) (I am) و تشرف عليه شركة تدعى كارافان، يحكي عن دور المرأة العربية في الحركات الريادية العالمية، كما تحضر ديب لمعرض في المتحف الفلسطيني في ولاية كنتاكت الامريكية.
تؤكد على أن “كل جديد مع الفن يأتي بالمثابرة والإيمان بالرسالة التي نتواصل بها مع الناس من خلال الرسم، وهذه هي روعة الفن وأهميته في الحياة. وكل معرض يجلب معة فرص عديدة وغير متوقعة” مشيرة الى أنها تطمح الى كل ما هو مفيد ومثري للحياة.
تشدد خلال حديثها ل”شبابيك” على عالمية لغة الفن، مشيرة الى تجربتها مع المعارض الفردية أو الجماعية التي شاركت فيها في الولايات المتحدة وأوروبا، ووجدت تجاوبا ملحوظا لدى المتلقين، حيث ينجذب المشاهد الى كل ما هو غير مألوف وغريب ويثير التساؤل، ويندهش الأجنبي لجمالية الخط العربي الذي يلتف حول الوجوه الأنثوية العربية ويعجب به. على الرغم من أنهم لا يجيدون قراءة الحروف العربية أو فهم مدلولاتها في العمل.

لدى ديب ما تسعى اليه حين تستخدم الخط العربي في لوحاتها وهو تعريف الغرب على التراث واللغة ألعربيه، والإبقاء على الهوية التى تحملها في طيات اعمالها لـ “تبقى ما بقي الدهر”.