بعد البيركامو … أنتلجنسيا تصدر عددا خاصا عن غسان كنفاني
الأحد 21/10/2018صور ـ شبابيك ـ إيمان جمال الرفاعي
بعد إحتفائها بالروائي والمسرحي الفرنسي ـ الجزائري البير كامو بدأت مجلة أنتلجنسيا الثقافية التي يصدرها الشاعر التونسي جمال قصودة بإستقبال المساهمات لإصدار عدد خاص عن الروائي والكاتب غسان كنفاني.
عن إهتمام المجلة بكنفاني قال مدير موقع ومجلّة أنتلجنسيا جمال قصودة لـ “شبابيك” إن فلسطين ليست ” قميصا مسروقا” ولا “أرضا للبرتقال الحزين” ولا “رجالا في الشمس” وحسب وليست أيضا ما قيل “عن الرجال والبنادق” ولا نعتقد أن الأدب الفلسطيني ما كتب عن ” شعراء الأرض المحتلة “كمعادل لما قرأناه ” في الأدب الصهيونيّ” في مقابل ذلك كلّه غسّان كنفاني ليس كيس طحين أو قميصا مسروقا قادرا على بثّ السعادة في خيمة عائلة مهجّرة.
وأضاف قصودة أن غسّان كنفاني ليس الطفل الذي يقذف به فوق الأدباش في سيّارة شحن ليخوض تغريبة “البرتقال الحزين” وحسب، بدا لنا رغم تغريبته دائم الحلم بأشجار الزيتون التي تركها خلفه ورأيناه رأي قلب أكثر إلتصاقا بالأرض وهو “السعيد” “العائد إلى حيفا” لنكتشف معه ومن خلاله أن “الإنسان في نهاية المطاف قضية”، وأن فلسطين ليست إستعادة ذكريات، بل هي صناعة للمستقبل، ونحن كتونسيين نلتصق به لنحافظ على أمل أن يبقى “باب المغاربة” مفتوحا وشاهدا على كوننا، كنّا وسنبقى من الذين يولّون وجوههم شطر المسجد الأقصى المبارك.
وفي رده على سؤال حول سبب تخصيص هذا الشهر للحديث عن كنفاني يقول قصودة إن موقع أنتلجنسيا للثقافة والفكر الحرّ ومجلّته الحاملة لإسم الأنتلجنسيا أيضا ليسا مؤسسة للإعلام الثقافي ولا موقعا ثقافيا فكريّا منخرطا في ما نسمّيه نحن بـمواقع “الترف الثقافوي” بقدر ما يندرجان ضمن مشروع للفعل الثقافي العضويّ السّاعي إلى جعل الثقافة خبزا يوميّا لجميع الشرائح الاجتماعيّة.
وإستطرد قائلا إن هذا المشروع إنطلق ببادرة شخصيّة منه وآمنت به ثلّة من الشّباب المبدع والمتطوّع “وإلتف حولنا جمع من الأكاديميين والباحثين والكتّاب من تونس وكامل الوطن العربي، ولأننا خيّرنا الإنخراط في مشروع الفعل العضوي لا
أحد في وطننا العربيّ يمكن أن يكون نموذجا للمثقّف العضوي الفاعل الذي يمكن أن نهتدي بمسيرته وبمنجزه الإبداعي والنضالي كغسّان كنفاني” فوقع الاختيار عليه ليكون العدد التجريبيّ الثاني من المجلّة إحتفاء بتجربته ومسيرته في سعي معلن منّا للإنحياز للقضيّة الفلسطينية.
وأعاد قصودة إلى الأذهان أن الموقع منذ تأسيسه في يناير 2016 خصّص وبشكل واع نافذة لفلسطين تحت مسمى “متفرقات فلسطينية” في موازاة النافذة الوحيدة المخصصة لتونس وهي “متفرقات تونسية” عملا بمقولة محمود درويش الذي “طالبنا بأن نحافظ على أنفسنا” – ويقصد تونس- “لنلتقى على أرض أختنا فلسطين”.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت المجلة ستخصص مساحة لأدباء فلسطينيين آخرين قال قصودة “في موقع أنتلجنسيا ومنذ التأسيس نجحنا في أن نستقطب أهم الكتّاب الفلسطينيين المعاصرين نذكر منهم الأصدقاء محمد حلمي الريشة مدير بيت الشعر الفلسطيني والشاعر نمر السعدي، والصديق المبدع جمعة الرفاعي والصديقة المبدعة فاطمة النزال والصحفي سري القدوة، وبشكل أكبر وشبه يوميّ يكتب معنا الشاعر والباحث حسن العاصي أما بالنسبة للمجلة وتخصيص أعداد للأدباء الفلسطينين فأن يكون غسّان كنفاني موضوعا للإحتفاء في العدد التجريبيّ الثاني فهو دليل قاطع على كوننا لن نغفل بقيّة الأدباء الذين يستحقون الكثير من الضوء”.
| الشاعر التونسي جمال قصودة |
وحول نظرتهم للأدب الفلسطيني قال قصودة: “قد نواجه في النضال لحظات لا جدوى فيها للكلمة، وقد نواجه لحظات لا جدوى فيها للرصاصة أيضاً، المسألة ليست في ماذا نختار “الرصاصة أم الكلمة” هذا الطرح خاطئ، المسالة في المؤالفة بين نوعيْ النضال، وليست في التخلّي عن أحدهما من أجل الأخر، النضال بالرصاصة وحدها إنما هو نضال أعمى، والنضال بالكلمة وحدها لا يمكن أن يكون حاسما، لابد من التآلف بين “النضالين”. وهذا فعلا ما تحتاجه فلسطين.
يضيف قصودة لم نسمع بشعب نجح في تقرير مصيره ومقارعة الإستعمار أو الغزو بالسلاح وحده أو بالأدب المقاوم وحده، و الشعب الفلسطيني إلى حدود هذه المرحلة التاريخيّة نجح في المؤالفة بين نوعيْ النضال، بجانب خنادق الفعل المقاوم كان خندق غسّان كنفاني ومعين وبسيسو وسميح القاسم وتوفيق زيّاد ومحمود درويش وعز الدين مناصرة وغيرهم، كلّ بسلاحه يدلو بدلوه في مسيرة شعب وأمّة متعلّقة تمام التعلّق بكامل فلسطين من البحر إلى النهر، ولا اعتقد أن شعبا أنجب كلّ هذه الأيقونات سيفشل في إنجاب غيرهم.
أما عن الدور الذي يقوم به الأدباء التوانسة في التعريف بفلسطين وكتابها ودورهم في مواجهة التطبيع مع الإحتلال الاسرائيلي يقول قصودة إن تونس التي زفّت خيرة شبابها شهداء مدافعين عن فلسطين ليس عسيرا عليها أن تنجب أدباء أو شعراء يتبنون خط المقاومة.
ويشير إلى انه بجانب الطائرة الشراعية للشهيد “ميلود بن ناجح نومة” ثمّة رصاصة شعريّة لجمال الصليعي الذي يقول:
“خذينا عند طفل يولد التاريخ من نعليه إذ يمشي
فتهتزّ العروش الصفر والأعداء إذ يرمي ولم يرم”
ويقول قصودة: بجانب رشّاش الشهيد “ابو شرارة” سامي بالحاج علي أو رمّانة رفيقه التونسيّ الشهيد أيضا “رياض بن جماعة ” اللذان دكّا الرتل الصهيوني في “عمليّة الطيبة النوعيّة” ثمة ألف شاعر أو أديب تونسيّ حامل لنفس الهم، ومثلما دافع الشهيد “عمران المقدمي” أو المناضل “عمار الغول” بالسلاح عن فلسطين ينكبّ الآن وفي هذه اللحظة الشاعر عادل بو عقّة ومن معه من أدباء و شعراء ساهرين على الإعداد للدورة القادمة من مهرجان توزر الدولي للشعر مخصصين مسابقة شعرية هامة في نفس الملتقى نصرة للقدس والأقصى، مشيرا إلى ان الفعل المقاوم في تونس فعل يوميّ لم ينقطع و لن ينقطع.
ويوضح قائلا: كشاعر عاينت في جلّ تنقلاتي الشعريّة أن فلسطين غالبا ما تكون ضيف الشرف في أغلب الفعاليات الأدبية والشعريّة وليست صداقتي بهؤلاء إلا من خلال زياراتهم المتكرّرة إلى تونس وأعتقد أن هذا الفعل هو دليل إهتمام كبير من لدن التونسيين تجاه فلسطين وكتّابها.
يُذكر أن أنتلجنسيا مجلّة فكريّة، تنويريّة، إلكترونية، شهريّة يصدرها موقع أنتلجنسيا للثقافة و الفكر الحر، أسسها الشّاعر التونسي جمال قصودة، وتضمّ هيئة تحريرها كلاّ من الصحفي والكاتب رياض عمايرة والقاص أصلان بن حمودة والصحفي أسامة سليم من تونس فضلا عن المترجم المغربي سعيد بو خليط.