صراصير العالم!
الثلاثاء 7/07/2020· بسام جميل
كان العالم القديم يؤمن بأن المسحوقين لا يملكون أصواتاً فاعلة، وإن كان لبعضهم صرير الصراصير، لا يعدو ذلك نداء للتزاوج وإنجاب المزيد من المسحوقين، خدمة لأسياد العالم القديم.
تتبنى المنظومة العالمية أفكار العالم القديم وتقوم بسلخها من قوابلها الظاهرية لتقدمها معلبة بشكل جديد، حيث أن الصراصير مخلوقات ناقصة التطور، أي أنها بحسب العلماء تحتاج لمعادلة مغايرة عن المخلوقات الأخرى لتكوين أجنتها ومراحل نموها، وبالتالي لا يمكن أن تفرز أسياداً بالغي التطور!
يرى العلماء من خلال تجاربهم أن الصراصير .. رغم صغر حجمها بين الكائنات، هي الكائنات الوحيدة التي ستنجو إذا حدث إنفجار نووي في أي مكان، على خلاف بقية الكائنات سواء الإنسان أو الحيوان أو النبات، الذين يقعون في نطاق 10 ميل من الإنفجار الذي يُخلف غبارًا نوويًا ضارًا، وقد يكون قاتلًا، لعدة أسباب تتمثل في:
– أنها تستطيع أن تعيش دون طعام لمدة شهر كامل.
– يمكن أن يتوقف قلبها لمدة ساعة كاملة دون أن يؤثر على نشاطها.
– تستطيع الصراصير أن تتوقف عن التنفس لمدة 45 دقيقة دون أن يؤثر ذلك على حياتها.
– تستطيع ألعيش بدون رأس لمدة أسبوع.
– لديها جهاز إستشعار حساس جداً في قرونها تستطيع من خلاله التحسس بكل ما حولها، مع العلم أنها بلا عين ولا ترى.
إذن تستطيع هذه الطبقة من المسحوقين النجاة والتطور بما يغلب على ما يمكن للأسياد الوصول إليه.
لا يزال العالم العنصري يؤمن بأن اللاجئين هم عبارة عن مخلوقات طفيلية في مجتمعات اللجوء دون أن يلتفت إلى قدرات وإمكانات هذا اللاجئ الذي يمارس طقوس الإندماج ببطئ، لأن البيئة نافرة ورافضة لإحتضانه، فتحاول المجتمعات “المضيفة ” أن تتعامل إما بمبدأ الإقصاء والتهميش أو بالدفع نحو خطابها اليميني العنصري والكيل بكل ما يمكن
من إتهامات كيدية لدفعهم إلى خارج المنظومة وسحقهم كما يجب أن يراد لهم من اسمهم الجديد “المسحوقين”.
كلاجىء أشبه ملايين اللاجئين حول العالم ممن ورثوا لجوئهم عن أبائهم وأجدادهم، لا أرى أي فوارق مادية محسوسة في منظومة العالم اليوم، عما كانت عليه قبل ألف سنة. لا فرق بين عنصرية تمارس ضد لاجىء وأخرى ضد شخص ملون، رغم أنني لا أؤمن بالنظرية التي تطرح السيد الأبيض “ترامب كمثال” حاكماً مسيئا للعالم، وأقصد بذلك أنه يتفرد بهذا الطغيان نحو الأخرين، بل أن في كل مجتمع وحتى أصغر دوائر المدنية، يوجد أسياد يلبسون حلة العولمة والتطور، ويتقدمون على الأسياد القدماء في عنفهم وطغيانهم ضد أبناء جلدتهم.
لتتذكر أيها العالم المحتضر، أن الطغيان يولد الحاجة للتطور، وليس بالضرورة أن يكون هذا التطور سطحياً وفي قوالب جاهزة يُعاد إنتاجها، بل هو التطور الذي لا يلتفت له العامة، ولا يراه إلا أصحاب البصيرة، فنحن صراصير العالم، وحدنا القادرون على النجاة والعلو نحو عالم لن يكتب لكم فيه أثر أو ذاكرة.