logo
عاشق الحرية واللغة
الجمعة 21/09/2018

صور ـ شبابيك ـ إيمان جمال الرفاعي

بقي عالقا في أذهان الذين عرفوه عن قرب أو درسوا مناهجه، يستعصي على نسيان المطلين على سيرته، فهو الذي كان يبني للمستقبل بلا كلل ولا ملل، ويؤسس لآليات تفكير مختلفة.

يُعد المربي والمفكر خليل السكاكيني الذي ولد في مدينة القدس عام 1878، أحد أبرز رواد التربية والتعليم الحديثين في فلسطين والمنطقة، وصاحب النزعته الإنسانية، والغيرة على اللغة العربية.

إرتفعت وتيرة الحس الوطني والعروبي لديه، الأمر الذي تجلى في مواقفه ضد إطماع بريطانيا والحركة الصهيونية في فلسطين.

علاوة على دوره الريادي في التدريس والتفتيش، كان له نشاطه في الصحافة والعمل السياسي في إطار الحركة الوطنية الفلسطينية.

يقول في إحدى المناسبات: أفضل أن نكون مستقلين ندبر أنفسنا بأنفسنا، ولو إرتكبنا كل يوم مئات من الأغلاط، تقول جمعية الأمم المتحدة لا تستطيعون أن تحكموا أنفسكم بأنفسكم ولا بد لكم أن تنتدبوا إحدى الدول العظمي لتدربكم على الإستقلال، إذا لم نتعلم الإستقلال بأنفسنا لن يعلمنا إياه أحد.

أدرك السكاكيني خطورة المشروع الصهيوني المدعوم من بريطانيا ويهدد الوطن العربي، ودعا إلى مقاومته، حيث يقول في هذا الجانب: إذا لم نتحد في مقاومة الصهيونية ذهبت فلسطين من أيدينا وعرضنا غيرنا للخطر، وإذا خسرت أمة بلادها خسرت كل شيء، إذا أردنا أن يكون لنا مستقبل مجيد يجب أن نحتفظ ببلادنا، بكل قطعة منها، وما دام لنا بلاد مستقبلنا مضمون.

بدأ السكاكيني دراسته الأبتدائية في مدرسة الروم الأرثوذكس في القدس، ثم إنتقل إلى مدرسة الجمعية الإنجليكانية التبشيرية، وبعد أن أمضى عدة سنوات في مدرسة المطران غوبات الإنكليزية، إلتحق بـكلية الشباب “الكلية الإنكليزية” فيما بعد، حيث درس على يد المربي المعروف نخلة زريق.

تخرج سنة 1893 ليزاول مهنة التعليم وينضم سنة 1898 إلى “جمعية زهرة الآداب” وفي تشرين الأول 1907 سافر السكاكيني إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث عمل في تعليم اللغة العربية، وفي الترجمة وعاد إلى القدس في ذات العام، ليصبح أحدَ أعضاء قومسيون المعارف بالمدينة في عام 1914.

إعتقلته السلطات العثمانية في كانون الأول 1917، إعتقلته بتهمة إيواء أحد اليهود من المهاجرين غير الشرعيين في منزله، وإقتادته إلى دمشق حيث أودع سجن “الجامع المعلق” في باب الجابية، وبقي محتجزاً فيه حتى 10 كانون الثاني 1918.

بعد إطلاق سراحه صار يعطي في دمشق دروساً باللغة الإنكليزية ثم انتقل سراً في شهر آب 1918 إلى العقبة للإلتحاق بالأمير فيصل الذي كان يقود قوات الثورة العربية الكبرى ضد الحكم العثماني.

إنتقل إلى القاهرة في نهاية صيف سنة 1918 وبقي بضعة أشهر، وبعد عودته إلى القدس سنة 1919 عُيّن في هيئة المعارف، ثم مديراً لـ “دار المعلمين” وصار ينشط في إطار الحركة الوطنية العربية الفلسطينية.

إنتقل إلى مصر في العام 1920، ومكثَ فيها عامين حيث عمل مديرًا للمدرسة العبيدية، لكنه ما لبث أن عاد للقدس ليُصبح أمين سرّ اللجنة التنفيذية للمؤتمر الفلسطيني العربي، وبعدها أصبح مفتشًا للّغة العربية.

كان عضوًا في المجمع اللغوي في القاهرة والمجمع اللغوي في دمشق، وألقى محاضرات في الجامعتين اللبنانية والمصرية وتواصل مع عدد من الأدباء مثل طه حسين وأحمد زكي وغيرهم.

أنشأ “المدرسة الدستورية” التي إشتهرت وذاع صيتها لإتباعها أساليب تعليمية حديثة، كما كانت لديها توجّهات وطنية.

إستقال من عمله في دار المعلمين بعد إستلام المندوب السامي البريطاني هربرت صمويل، المعروف بتعاطفه مع الصهيونية مهماته في فلسطين وسافر في صيف سنة 1920 إلى القاهرة ليعمل مديراً للقسم العربي في مدرسة “العبيدية” وعاد إلى القدس سنة 1922 ليزاول الصحافة وينشر مقالاته في عدد من المجلات المصرية كالمقتطف والهلال.

رحلَ خليل السكاكيني إلى القاهرة بعدَ نشوب حرب فلسطين التي أجبرته على ترك بيته ومكتبته التي كان يُحبّها، وكانت تضمّ أمهات الكتب العربية وألاجنبية وتوفي هناك في مستشفى دار الشفاء عام 1953، ودُفن في مقبرة كنيسة “مار جرجس الأرثوذكسية” في القاهرة، وأُطلق أسمه على أحد شوارع القدس وعلى أحد مدارسها تخليدًا لذكراه، ومُنح وسام القدس للثقافة والفنون عام 1990.

خلف عددا من الكتب بينها مطالعات في اللغة والأدب ولذكراك وأعزائي وفلسطين بعد الحرب الكبرى والإحتذاء بحذاء الغير والأدبيات.

مشاركة