logo
عاشق الكاميرا
السبت 12/05/2018

صور ـ شبابيك ـ أمل الرفاعي

يُلخص السينمائي الفلسطيني هاني جوهرية فهمه للسينما بمقولته “بندقيتي كاميرتي التي تسجل بطولاتكم في وجه المحتلين وجرائمهم”، مقولة ترسخت بعد إستشهاده بقصف إستهدف مواقع الفدائيين في جبال عنطورة.

حمل كاميرته على كتفه مثل سلاح المقاتل ورافق الثوار في العمليات الأولى داخل الأرض المحتلة ليقرن المفهوم بالممارسة ويتحول إلى علامة في تاريخ السينما الفلسطينية.

وُلد هاني فخري جوهرية في مدينة القدس عام 1939، وغادرها عام 1966،  ليدرس التصوير الفوتوغرافي والسينمائي في القاهرة ولندن، حيث تخرج من مدرسة لندن لفن السينما، وإلتقى هناك بمؤسس السينما الفلسطينية المخرج الراحل مصطفى أبو علي.

عمل في وزارة الإعلام الأردنية على تصوير أربعة أفلام وثائقية بين عامي 1967 و1969 من إخراج علي صيام هي “الخروج” و “الارض المحروقة” و “زهرة المدائن” و “جسر العودة” قبل أن يلتحق ويتفرغ للعمل في الثورة الفلسطينية.

كان هاني يعشق التصوير ويعمل جاهدا لتوثيق الثورة والقضية الفلسطينية عبر أفلام سينمائية ترصد العمليات العسكرية والإعتداءات الإسرائيلية، وكل ما إنتهى من إعداد فيلم  يقول بفخر كبير: لقد أصبح لدينا وثائق عن ثورتنا وقضيتنا تعالوا شوفوا هالفيلم عن القضية. 

تعاون مع خريجة المعهد العالي للسينما في القاهرة سولافة جاد الله لإنشاء قسم التصوير حيث يقول عن تلك الفترة “باشرنا بتوثيق صور الشهداء ولكن بعد معركة الكرامة شهدنا هجوما صحفيا عالميا فجاءت الحاجة الى الصور الفوتوغرافية وعندها حصلنا على مطبخ فحولناه الى معمل للطبع والتحميض وقد بدأ العمل بكاميرا بسيطة جدا وجهاز تنشيف بدائي يعمل على بابور الكاز ومن أبرز أعمال القسم في تلك المرحلة معرض الكرامة آذار 1969.  

أُعيدت تسمية قسم التصوير لاحقا بوحدة أفلام فلسطين التي كان عملها في ذلك الوقت متواضعا، يتم بكاميرا مستعارة من نوع 16 مم، إستُخدمت في تسجيل واقع المخيمات ومعظم الحوادث التي وقعت من حروب ومعارك وإلتقاط أعمال ثورية فلسطينية بالمعنى السياسي والإجتماعي والثقافي.

صور هاني جوهرية المظاهرات المعارضة لمبادرة روجرز عام 1969 وقام بتسجيل مقابلات مع المتظاهرين ومعارضي المبادرة و كانت النتيجة فيلم “لا للحل السلمي” أول أفلام الثورة الفلسطينية للمخرجين مصطفى أبو علي وصلاح أبو هنود.

ومع الإهتمام الذي قُوبل به الفيلم حينها وفر الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد) للسينمائيين كاميرا إحترافية إستُخدمت في الفيلم الثاني “بالروح بالدم” الذي وثق أحداث أيلول الأسود وحصل على جائزة مهرجان دمشق عام 1972.

غادر هاني جوهرية عمان في العام 1976 متوجها إلى لبنان حيث أصبح محور الحركة في السينما الفلسطينية والروح التي إنتشرت في المؤسسة، حيث قام بتدريب كادر سينمائي جديد.

جسد أقصى حالات عشق الصورة حين توغل في أقصى مواقع  الخطر لاقتناص لقطة معبرة ومثيرة لبعض وقائع الحرب الأهلية في جبال عينطورة، إنفصل عن بقية المجموعة ولم يبال بتحذيرات مرافقيه من الكتاب والمقاتلين الذين كانوا يخوضون معارك ضد القوات المدعومة من الإحتلال الإسرائيلي وإندفع الى الإمام متجاهلا إحتمال موته.

خلال إندفاعه إنطلقت قذيفة بإتجاهه فقام بتصوير لحظة الإنطلاق وأصر على تصوير لحظة السقوط لكن القذيفة سقطت أمامه مباشرة فطار هاني مع كاميرته وإرتقى شهيدا.

لتخيلد مقتنياته التي بقيت شاهدا على جسارته صمم زملاءه بعد أن واروه الثرى صندوقا زجاجيا حفظوا فيه الكاميرا المثقوبة وعلبة الفيلم المخترقة بالشظايا والمدمرة محتوياتها.  

 ترك الشهيد هاني جوهرية خلفه مجموعة كبيرة من الأفلام السينمائية الوثائقية المصورة والصور الفوتوغرافية التي تؤرخ للقضية الفلسطينية وبقي إسمه يتردد كالصدى بين الجبال جوائز ونوادي ومراكز وفرق فنية تحمل إسمه كأول شهيد للسينما الفلسطينية.  

مشاركة