logo
عباس لـ شبابيك: في بلادنا تخاف الاسماك من الماء وتصعد الى السفينة
الأربعاء 14/02/2018

 

جنيف – شبابيك – أشرف سهلي 

“هو الكتاب النثري الأول والأخير بالنسبة إلي. كثير من الأشياء التي كتبتها ورسمتها خلال السنوات الست الماضيات كان يجب أن أدونها في كتاب بوصفها جزءًا من شهادة حية على ما حصل وما زال يحصل في سوريا والعالم… روبيرتا هي السيدة الإيطالية الرائعة التي تعرفت إليها بالمصادفة في صفحة (الفيسبوك) في عام 2013، وبفضل وقوفها معي ومع كثير من السوريين والفلسطينيين، أنا موجود هنا الآن وأكتب هذه الكلمات”…

 بهذه الكلمات أوجز رسام الكاريكاتير الفلسطيني السوري هاني عباس في التقديم عن “سمكة في سفينة نوح” وهو كتابه الأول الذي يصدر عن “دار ميسلون” في الـ15 من شهر شباط / فبراير الجاري.

لعلّ توثيق الإنسان التجربة التي عاش فصولها لحظة بلحظة خلال مرحلة مفصلية من حياته وحياة أبناء جلدته، أكثر أهمية ودقة من دراسات وأبحاث تاريخية منقولة عن الكتب والأرشيفات حول تلك الفترة أو غيرها، وفقا لما يرى هاني عباس الذي أجرى معه موقع “شبابيك” مقابلة للحديث عن كتابه المرتقب.

عباس ابن قرية صفورية الفلسطينية المهجرة العام 1948، أجبر على تكرار تجربة لجوء الأجداد من فلسطين بسبب اندلاع الحرب في سوريا وتردي الأوضاع داخل مخيم اليرموك ملجأه الأول، لينتقل منه إلى طرابلس في لبنان، قبل أن ينتهي به المطاف بعد رحلة جديدة في جنيف بسويسرا.

في هذا السياق يقول “لا بد أن أوثق ما جرى معي ومع الآخرين.. وهي خلاصة تجربة ربما لن تتكرر معي ثانية وهي التجربة التي غيّرت حياتي وحياة الملايين … الثورة والقصف والحصار والهجرة”.

حول أقسام الكتاب يقول “قسمت الكتاب إلى 3 أقسام حسب المراحل التي مررنا بها”، ويضيف “يدور القسم الأول حول مرحلة بدايات الاحداث في سوريا عام 2011 حيث سجلت يومياتي وقتها وأنا في قلب الحدث بالإضافة إلى الرسوم التي رسمتها خلال تلك الفترة… و سميت الجزء الأول باسم (برد في جهنم )… في إشارة إلى الجو النفسي العام الذي ساد وقتها بالنسبة لي”.  مبينا أن “هناك جوا من التفاؤل في هذا الجزء يماثل الواقع في سوريا”.

في الجزء الثاني الذي يحمل اسم “إطفاء العتمة” يتحدث عباس عن “فترات القصف بحالاته ومشاهداته ولوعته وخساراته وعن بداية مرحلة الحصار في مخيم اليرموك”… ويبين أن الحزن والألم يسيطر على هذا الجزء كما هي الحال التي كانت خلال تلك الفترة في المخيم وسوريا، منوها إلى أنه أضاف في هذا الجزء رسوما كاريكاتورية رسمها خلال تلك الفترة.

وأما الجزء الثالث الذي أعطى للكتاب اسمه “سمكة في سفينة نوح” فيعتبر محلّ رؤية عباس حول الهجرة والنزوح واللجوء والبعد، ويطرح فيه الأسئلة والجدليات التي تدور في ذهنه منذ 4 سنوات، وهي: “نحن أسماك .. لماذا خفنا من الماء وصعدنا السفينة … لماذا هربنا من موت سريع إلى موت بطيء … ؟ أو ربما كان خيارنا صحيحاً”.

وفي ما يتعلق بلغة سرد الكتاب يقول عباس “هو كتاب أدبي و فني معا، سجلت فيه أهم يومياتي بطريقة أدبية والحالات التي مررنا بها والتغيرات في كل شيء… لحظات الانتظار بين الحياة والموت.. البقاء أو الرحيل”.

باعتباره رسام كاريكاتير عالمي واكب بمئات الأعمال سنوات ألم سوري وفلسطيني وهموم كثير من الناس وحقق أثناءها أرفع جائزة كاريكاتير دولية، لا بد من دافع يأخذه لخوض تجربة الكتابة.

وفي هذا الإطار يرى الكاتب الرسام وجود تكامل بين الكلمة والرسم، ويؤكد أن الكتابة هي عامل مهم كما الرسم لتوثيق الحالات ولا سيما بوجود مفردات لا بد أن تكتب سردا باعتباره لا يكتب حوارا في الكاريكاتير.غير أنّ عباس ينبه إلى أن رسم الكاريكاتير هو الطريقة التي سيتسمر في التعبير من خلالها لا الكتابة، ويشير إلى أنه مقلّ منه نسبيا في الآونة الأخيرة في ظل أوضاع صعبة وتغيرات في اصطفافات الناس وابتعادهم عن المواضيع الأساسية التي يتمسك بها رسام صاحب قضية كالحرية والعدالة وحقوق الإنسان، فضلا عن انشغال كثيرين بأمور جانبية لا ترقى إلى الحدث الدموي الذي يجري في سوريا والمنطقة العربية.

عن الرسالة المرجوة من “سمكة في سفينة نوح” يقول “هنالك الكثير من الرسائل في الكتاب… رسالة عامة لكل جزء ورسائل يمكن قراءتها ضمن الكلمات ومن الرسوم”.

ويختم قائلا: “بشكل عام هي تجربة يجب أن تصل إلى الناس بكل أحداثها وما يمكن أن يلتقط القارئ من رسائلها، وأترك ذلك لمن يقرأ”.

(*)هاني عباس هو رسام كاريكاتير فلسطيني ولد في مخيم اليرموك سنة 1977. قدم أعماله في صحف عربية وعالمية منها “الجزيرة نت” وجريدة “جيرون” وموقع “المدن” الإلكتروني ومجلة “هيبدو” السويسرية ووكالة الأنباء السويسرية “سويس إنفو”. حاصل على عدة جوائز عربية وأوروبية منها جائزة حرية التعبير في الدوحة 2013 وجائزة رسام الكاريكاتير الدولية 2014 التي تقدمها الأمم المتحدة وحكومة جنيف ومنظمة “رسامون من أجل السلام” والتي تعد أرفع جائزة كاريكاتير في العالم. أقام العديد من المعارض في دول عربية وأوروبية وقدم أكثر من 1500 لوحة كاريكاتير منذ اندلاع الحراك في سوريا في 2011 وحتى بدايات 2018 تحاكي هموم الفلسطينيين والسوريين وتتناول اهتمامات الناس وقضايا عامة حول العالم. يعمل حالياً مدرسا للفنون والكارتون في مدارس “جنيف الدولية”. كتابه الأول هو (سمكة في سفينة نوح).

 

مشاركة