logo
قتلت لعار لم أرتكبه
الخميس 11/09/2025
  • هديل الزعبي

أعدموني في مخيمي. أقاموا الحد عليّ فأصابوا أحلامي بتسع طلقات. زرعوا رصاص الحزن في صغيري فلم يبك. عشت رعب الكون اجمع في دقائقي الأخيرة. هل فقدت أنفاسي إنتظامها قبل إطلاق النار على عنقي؟ لم أعد أذكر. هل بكى طفلي وقتها؟ هل من أحد طبطب عليه؟ من هدهد روحه ليستطيع النوم في ليلتها. من إنتزعني من مرتبة الأم الحنون؟ كيف وفي السماوات شهود حق. وإن كنت قد أخطأت في محياي فلم يكن خطئي الأفصل من فصول حياتي الخاصة.

كيف لحياتي الشخصية ان تثير دوائر القتل. هل الله وراء الستار يصدر البيانات. أم أن الذي وراءه عبد من جمع العبيد في المخيم. من كان منكم بلا خطيئة فليرمني بحجر. لكن هل لقتلي سبب آخر؟ أقر وأعترف بإكتئابي المزمن وبرغبتي في التحرر من آلام المخيم والعيش في سلام، برغبتي في التعلق في الحياة ولو كان حلمي عاجز لكن حبي كان سندا ولم يزل. فاغف يا صغيري إلى أن تكبر وتكبر لترى الليل فيّ. وإن كان كحلي يا خالد. ولتذرف دموعك كي أمسحها بترابي. هل تزور قبري مع اخوتك؟ فلتنم الآن ولنا حديث يا صغيري. في 20 حزيران كانت نهايتي.

إسمي ميرنا. كنت أعيش في عين الحلوة. أموت اليوم بالمعنى الحرفي. نسيانهم لي من نسيان نفسي لقول الحقيقة هكذا كنت أنوي في حياتي. لكني لم ألحق. لقد قضي عليّ. ذهبت ورجعت إلى المخيم، قضيت سنواتي الأخيرة فيه، تركت الأزقة ومشيت في وسط الشارع هذه المرة فأُعدمت دون إذن يا لوقاحتهم. أختبأ قاتلي الملثم وراء أصبعه وفي وضح النهار كعادة قتل النساء. أما الآخرين، الجمع، الأهل الأحياء والأموات الذين يفترشون أزقتنا يبصرون. أنا واحدة من اللواتي أطلق الرصاص عليهن في نفس الشهر لأسباب مختلفة!. يا للمصادفة؟

تركت أولادي مضطرة للنوم في سباتي العميق. وفي الحشد قيل الكثير عني، ولم يذكروا شيئا عني! سنخبرك يا ميرنا روايتنا، خارجا عن الحشد ولتخبرينا روايتك قتلت في المنزل وأمام أعين أطفالك؟ كلا لم ير خالد المشهد. ناشد خالد أحدهم ولم يكن يبكي، هل كان ذلك بعد الطلقة أو قبلها. سوف أسأله: لماذا لم تبكي يا حبيبي؟ دموعك خسارتي في الحياة وربحي هنا تحت الأرض، أين ذهبت دموعك؟ هل راحت مع الموت؟ من أين جئت بقوة النطق..

سنهمس لك يا ميرنا عنك هذه المرة.. طفلك لم يبك، كان راجفا في صلابة نطقه هي جملة واحدة نطقها مستغيثا بأحدهم: رح ياخدو ماما تعال. فكيف لطفل شاهد إعدام أمه أن يكون متزنا في كلامه؟! وارد يا ميرنا انهم أخرجوه من المنزل قبل إطلاق النار؟ من لقّن ولدك الجملة؟! وارد ولكن المؤكد أن آخر في السجن لطخت يداه بدمائي. صحيح ولكني سمعت طفلك يستغيث يا ميرنا، فلماذا لم تستغيثي من قبل؟ لم أتفاجأ نعم بقتلي، كنت جاهزة ولكني حزنت. هل حزن أحد معي أو عليّ؟ ماذا عن جنازتي؟

متى كنت جاهزة للموت؟

أحببت في كبري، في ثلاثينيات عمري المعدود. عشت قبلها مع طليقي وهو الان في السجن بتهمة الإتجار بالمخدرات، هل كلمة الحق تبدأ من أبنائي أو طليقي أو الملتحين أو غيرهم أو جميعهم؟ أم المبصرون في المخيم؟ كيف يا ميرنا وجميعنا أموات؟

تبدأ النهاية منذ أكثر من شهر قبل الحادثة، فقد سرق هاتف ميرنا من منزلها، وتنتهي البداية منذ أكثر من سبعة شهور من الحادثة فقد تعرضت لأكثر من مرة للضرب، الإبتزاز، التشهير والتهجم على منزلها. وللحديث تتمّة.

مشاركة