logo
منصور: خرجت من الاسر اكثر قوة ورواياتي شهادة تمسك بالحياة
الخميس 19/04/2018

صور ـ شبابيك ـ ايمان جمال الرفاعي 

 

عصمت منصور أسير فلسطيني محرر، من مواليد الاردن عام 1976 ، انتقل في الثمانينات مع عائلتة إلى قرية “دير جرير” في الضفة الغربية، قبل أن يُسجن وهو في السابعة عشرة من عمره، كان حينها في المرحلة الثانوية، تابع دراسته داخل السجن وحصل على بكالوريوس في الصحافة، كتب ثلاث روايات عن تجربته ويعمل حالياً مترجما ومتابعا للشأن الاسرائيلي.

يقول منصور ل”شبابيك”: قضيت في السجن 20 عاماً، سُجنت في العام 1993 وتحررت في العام 2013، عشت خلال هذه الفترة كل المعاناة التي يمكن أن يعيشها الأسير الفلسطيني من عزلة وتعذيب وحرمان ومنع الزيارات وكل اشكال التنكيل والقمع، وهذا ليس محصوراً في عصمت منصور بل في كل أسير فلسطيني، فالإدارة لا تستثني أي أحد من ممارساتها.

يضيف قائلا: هذه التجربة كونتني بشكل أو بأخر وأعادت صقل شخصيتي نتيجة المناخ الذي خلقه الاسرى داخل السجون عبر سنوات من النضال وتراكم الخبرات والتجارب.

ويشير: خرجت من السجن أكثر قوة وأكثر انسانية وهذا بفضل المناخ الذي أشاعه الاسرى وانتزعوه من ادارة السجون بفضل مسيرتهم النضالية التي قدموا فيها التضحيات والشهداء.

يستذكر منصور فترة السجن قائلا: انها مليئة بمعاناة الاسرى ولكن من واقع تجربتي معاناة الاسير هي معاناة نفسية وجسدية يعيشها سواء خلال فترة اعتقاله أو خلال التحقيق أو أثناء المحاكمة، كلها مراحل لها اشكال مختلفة لكن القاسم المشترك بين هذه المراحل أنها فترة صعبة وكلها استهداف يتعرض الاسير خلالها إلى تعذيب ممنهج لكسر ارادته، وصموده.

يتابع منصور: فترة السجن قضيتها بالتنقل بين السجون فالتنقل هو جزء من حالة الاستنزاف التي يحاولون وضع الاسير فيها، ولكن اجمالاً في السجن نعيش حياة جماعية، حياة مشتركة على أسس وطنية ونضالية ودائما نسعى الى ابراز هويتنا في سلوكنا الداخلي فيما بيننا، أو خلال معركتنا مع الادارة فنحن نواجههم داخلياً كتنظيمات، لنا ممثلين موحدين، ولنا برامجنا التثقيفية والابداعية والتعبوية والادبية والرياضية، وجميع هذه البرنامج تصب في جعل الاسير يعيش حالة توقد مستمر وتفاعل مع الثورة والقضية وأن لا ينكسر أمام الادارة وأن ينظر الى السجن على أنه مرحلة نضالية.

لم ينظر منصور إلى السجن باعتباره نهاية مرحلة النضال فهو جزء من الحالة النضالية وهو مرحلة تخدم هذه الحالة  فهي جزء من دائرة “في السجن تكتسب خبرة ومعارف، مهارات وتجربة عملية في مواجهة الاحتلال، بالاضافة إلى ثقافة وتعبئة مما يؤهلك أن تلعب دور أفضل عند تحررك”.

يشير الى أن هذه الفلسفة مهمة لفهم سر صمود الاسرى وابداعهم داخل السجن، طبعاً هم في النهاية بشر يشتاقون للحرية والحياة واحتضان عائلاتهم، و”بالتالي أنسنة الاسير الفلسطيني جزء مهم من قدرتنا للتفاعل معه والتقرب منه ومساعدته للانتصار على السجن والسجان”، وأكثر ما يشتاق له الأسير خلال فترة الاعتقال هو أن يكون حراً وأن يكون قادراً على التأثير في مجتمعه  وقضيته.




ملصق يطالب بحرية الأسير عصمت منصور

عن تجربة التحرر يقول منصور: عند التحرر شعرت بالصدمة وعدم القدرة على استيعاب الموقف، عشت حالة من الانبهار وتشتيت الذاكرة، حيث ينتقل  الاسير في لحظة زمنية قصيرة لا تتجاوز الدقائق من باب السجن الى مدخل مدينته، في هذه الدقائق تنتقل من عالم إلى نقيضه، من السجن إلى الحرية وتعيش صراعاً ذاتياً يكمن في عدم تصديق أنك اصبحت خارج حدود السجن، تريد أن تتأكد أن هذا حقيقي وليس حلم من الاحلام التي كنت طوال 20 عاماً تنتظرها، وعندما تصدق تبدأ تستمتع في الحياة وترى كل شي جميل وأفضل بكثير من حياة السجن.

ويضيف: المواقف التي نعيشها في السجن كثيرة ولكن من أهم هذه المواقف هي التي تحدث اثناء المواجهات مع ادارة السجن وعندما تحاول الإدارة قمعنا بالغاز والهراوات، فيتكاتف الاسرى ويحاولون حماية بعضهم البعض بأجسادهم فهم لا يملكون اي شيء للدفاع عن انفسهم. وتتجلى الروح الجماعية والوطنية في الاضرابات، يتسابق الاسرى فيما بينهم من يصمد أكثر ومن يخدم الاسرى الذين تضعف اجسادهم بعد أيام وأسابيع من الجوع والاضراب والتنكيل الذي يتعرضون له. مواقف الاضرابات والقمع هي أكثر المواقف التي أذكرها فهي التي تبرز فيها روح الاسير وتفانيه، وتوجه بوصلته نحو الاحتلال وأداته في السجن.

رسالة منصور للعالم، للمؤسسات الدولية والحقوقية، وللمؤسسات الفلسطينية  ولكل أنسان حر أن قضية الاسرى عادلة وتحتاج إلى جهود، الاسرى بوجودهم داخل السجن يجسدون أسمى القيم الانسانية، الحرية، والعدالة، ومقاومة الاحتلال ورفض العنصرية. كل القيم السامية في الحياة يجسدها الاسرى من خلال نضالهم ومن خلال وجودهم في السجن وكل شيء بشع يجسده الاحتلال من قتل وعنصرية وتنكيل.

الاعتقال يترك في نفس الاسير ندوبا وآثار وجروح وذكريات لا تُمحى من ذاكرته، يظل يعيشها ويتذكرها يومياً، يخرج من السجن إنسان جديد، ويعيش في مجتمع خارج السجن لا يشبه حياة السجن مما يُشعره بالغربة، وهذه واحدة من الصعوبات التي تؤثر على حياته بعد الاسر.




الأسير المحرر عصمت منصور ووالدته لدى خروجه من السجن

عن تجربته يقول منصور: أنتجت خلال وجودي في السجن ٣ اعمال روائية ومجموعة قصصية، وهذا الانتاج لا أعتبره فقط تجربة أدبية إنما تجربة حياة، بمعنى أن الاسير عندما يكتب ويتغلب على ظروف السجن والعزلة والجو الخانق وملاحقة ما يكتب ويستطيع أن ينجز أعماله الادبية من داخل السجن، هذه شهادة بأن الاسرى يتمسكون بالحياة وبأنهم رسالة إنسانية وهذا دليل آخر على قيمة الاسير الفلسطيني.

ويُذكر أن منصور كان قد اعتُقل بعد عملية فدائية قام بها أربعة شبان في مقتبل العمر عام 1993 في مستعمرة “بيت آيل” قرب رام الله، قُتل على آثرها مستوطن صهيوني، ليُحكم على معظم افرادها بالسجن المؤبد فيما حكم عليه بالسجن 22 عاماً

مشاركة