logo
نحات الرمال
الإثنين 2/04/2018

صور ـ شبابيك ـ ايمان جمال الرفاعي

“أنا راجع” هو أخر ما نحته الشاب محمد نعيم أبو عمرو “26 عاما” من حي الشجاعية على شاطىء بحر غزة قبل أن يستشهد أثناء مشاركته في مسيرة العودة على حدود قطاع غزة لاحياء الذكرى ٤٢ ليوم الارض.

مثله مثل الالاف من الشبان الذين لبّو نداء الوطن، متسلحين بالقوة والعزيمة والارادة الوطنية، والايمان المطلق بالنصر أو الشهادة، وقف بصدره العاري، يحمل العلم الفلسطيني في يده وخريطة البلاد في قلبه ليُذكِّر المحتلَّ الغاصب ومن معه بأنَّ هذه الأرض لنا نحن اهلها، ولترحل انت عنها الى غير رجعه.

يقول أسامه سبيته أول نحات فلسطيني على الرمل والملقب “بفنان الرمل” ل”شبابيك” ان محمد كان أحد تلاميذه، وأحب أن يتعلم منه النحت وفعلاً قام بتعليمه ونجح محمد في شق طريقه. يضيف سبيتة: كان محمد يطمح لأن يتقن فن النحت، كان يمتلك مهارة كبيرة، ويبدع في ما ينجزه.

يستدرك الفنان سبيتة أخر لقاء بينهما قائلا: طلب مني محمد أن أساعدة بلوحة كبيرة يريد أن ينحتها. قال لي يومها ان هذه اللوحة هي حلمه، الذي يطمح الى تحقيقه، والتي هي عبارة عن خريطة فلسطين، لكنه استشهد قبل ان يحقق هذا الحلم، سأحقق له حلمه وستكون بمثابة مفاجأة فنية للجميع.

في مقابلة مع صحيفة الايام منتصف العام الماضي عبر أبو عمرو عن سعادته، وهو يحول أفكاره وخيالاته إلى واقع ملموس على رمال شاطئ بحر غزة.

‎وأضاف أنه يمضي عدة ساعات ينحت الكلمات والعبارات المطلوبة وبعد إن ينجز عملية النحت على الرمال يقوم بتدميرها بعد اخذ الصور التذكارية.

‎وقال: كنت أسير على شاطئ البحر عندما رأيت شابا ينحت على الرمال فاتخذت مكانا بعيدا وبدأت في النحت معتمدا على هوايتي في التخطيط على الوسائل التعليمية والجدران ووجدت الأمر ممتعا خاصة ان أول كلمة نحتها كانت كلمة “أمي” عرفانا مني بفضلها.

‎وأفاد أنه من بعدها تواصلت عمليات النحت لأسماء وذكريات وأحداث قد تقع في غزة أو فلسطين.

‎يعتقد أبو عمرو أن النحت على الرمال أصعب كثيرا من التخطيط على الورق لأن التعامل مع الرمال يحتاج إلى حرص ودقة اكبر وأدوات مختلفة رغم بساطتها حيث لا يتعدى ما يحتاجه سوى معول صغير وأداة البناء “المسطرين”.

‎أنجز أبو عمرو عدة رسومات وطنية وعامة تتعلق بيوم الأسير والأرض والنكبة، والشهيد مازن الفقها، وغزة تنزف والكهرباء والهجرة، والعيد ويوم المرأة إضافة إلى انجاز بعض أعمال النحت كدعاية خاصة لشركات وأشخاص مقابل مبلغ مادي يتم الاتفاق عليه.

محمد ابو عمرو شهيداً هكذا اراد القدر، ستفقده شواطىء بحر غزة ورمالها، حين يدفن مع حلمه، بنقل فنه الى خارج حدود غزة المحاصره، لكن روحه الجميلة ستبقى تداعب الرمال وترنو صوب أرض الأجداد.

كان ينحت بمعوله الصغير حلم العودة فوق الرمال وهو ينبض حيوية ونشاطا ليوصل الى كل من في هذا العالم حلمه الذي يقاتل من أجله “جميلته فلسطين” هكذا هم الشهداء يغادرون دون موعد، ولكل منهم حكايته الخاصة وحلمه الجميل

مشاركة