logo
وهبي لـ “شبابيك”: الارض ترفض الاحتلال والنص الابداعي الفلسطيني غائب
الأحد 1/04/2018

بيروت – شبابيك – لميس ياسين

عُرف الشاعر والإعلامي زاهي وهبي بمناصرته للقضية الفلسطينية في شتى المجالات، تفتح وعي ابن بلدة عيناتا الجنوبية الواقعة على مشارف الجليل الفلسطيني، على وقع العدوان الإسرائيلي اليومي على الجنوب، وفي عام 1982 حيث كان في السابعة عشرة من عمره اعتقله الاحتلال الإسرائيلي وسجنه قرابة سنة بين نهاريا وعتليت في فلسطين ثم في أنصار جنوب لبنان وفي 2005، منحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس جواز سفر فلسطيني، تقديراً لدوره الثقافي والإعلامي في دعم القضية الفلسطينية، ليكون بذلك أوَّل عربي ينال الجنسية الفلسطينية.

في مقهاه المفضل “مقهى الروضة” في منطقة الروشة في بيروت التقى “شبابيك” وهبي وأجرى معه حوارا حول أثر النكبة على الأدب اللبناني والفلسطيني والعربي.

 قال وهبي ان ” للأدب العربي أثر واضح وجليّ فكثير من الكُتاب والأدباء والشعراء العرب تناولوا النكبة في أعمالهم ومن بينهم الكتاب اللبنانيين، أمثال الروائية الراحلة ليلى عسيران، الروائي المعاصر الياس الخوري”.

وأضاف “حتى في الشعر اللبناني والأغنية اللبنانية سواء مع الأخوان الرحباني أو فيما بعد الكثير من الفنانيين الملتزمين نرى أن النكبة والقضية الفلسطينية كانت حاضرة في أعمالهم خصوصاً في أغنيات السيدة فيروز، وفي الشعر الذي كتبه الرحابنة ومن تعاون معهم لأنهم زمنياً كانوا أقرب الى زمن النكبة أكثر من الشعراء الحاليين “.

وأشار الى أن “حدث النكبة في حدِّ ذاته أو القضية الفلسطينية بشكل عام، كانا حاضرين في المسرح اللبناني أيضاً، كمسرح روجيه عساف والحكواتي، جلال خوري، يعقوب الشدراوي وغيرهم” .

وتطرق الى التحوّل الذي حدث في الأدب العربي بسبب القضية الفلسطينية، مشيرا الى أن “الكثير من الكُتاب والمبدعين العرب ربما كانوا قبل نكبة فلسطين متجهين نحو ما يسمى الفن للفن، أو الكتابة عن قضايا اجتماعية أو انسانية عامة بما فيها الحب والعاطفة والوجدان لكن نكبة فلسطين شكلت صدمة  في الوجدان العربي عموماً وفي الإبداع العربي فانعكست وتجلّت في الرواية، في المسرح، في القصيدة، في الأغنية و اللوحة التشكيلية” .

وأكد وهبي أن “هذا الأثر ما زال موجوداً لدى العديد من الأدباء والمثقفين الملتزمين بالقضية الفلسطينية وهم ليسوا قلّة لحُسن الحظ، ولكن بشكل عام القضية الفلسطينية ككل من النكبة الى ما تلاها من تحولات (النكسة، الانتفاضة الأولى والثانية، الحروب على غزة، اتفاق أوسلو…الخ) تراجعت تدريجياً”.

يُعيد وهبي أسباب هذا التراجع الى “نكبات عربية متعددة كالعراق، سوريا، اليمن، ليبيا، وقبلهم الجزائر ولبنان وما تتعرض له مصر من خلال سيناء” الامر الذي أدى الى انصراف الانسان العربي الى همومه.

 واستطرد قائلا أن كل قطر عربي أصبح مشغولا بدماء بنيه كما يقال، بالتالي هذا الأمر كان له أثر كبير على القضية الفلسطينية ولم تعد تحتل مكان الصدارة.

واعتبر أن جزء مما أصاب بلادنا العربية والذي أحد أهدافه الى جانب تفتييت بلادنا والاستيلاء على ثرواتها والتحكم بمصائرها، هو “طمس القضية الفلسطينية وجعلها منسية وهامشية أمام هول ما يحدث اليوم في سوريا والعراق واليمن أو ليبيا” موضحاً أن  الكثير ممن يكتبون عن القضية يرون أن ما يحدث في فلسطين قليل أمام ما يحدث اليوم في تلك البلاد العربية وكأنه تبرير بشكل ما لأفعال الاحتلال وأسلوب لنسيان فلسطين.

وأردف وهبي قائلا “لو عالج العرب الجرح الفلسطيني بالشكل المطلوب ربما كنا تجاوزنا كل هذه الجراح” مشدداً على أن “قضية فلسطين يجب أن تبقى حاضرة، ولا يجب ربط النص الابداعي بمنسوب الدم الفلسطيني بمعنى أنه ينبغي ان تحصل مجزرة في فلسطين أو حرب على غزة، أو اقتحام للمسجد الأقصى حتى نكتب أو نتذكر أو نُذّكر بفلسطين كأننا نقول لأبناء الشعب الفلسطيني ينبغي أن تموتوا يومياً حتى تبقى قضيتكم حاضرة في وجداننا ووعينا وفي حبرنا ونصنا”.

وقال أحاول من خلال عملي الاعلامي أو الكتابي أن تبقى القضية حاضرة دائماً بمعزل عمّا يحصل بشكل يومي من أحداث لأن الاحتلال سواء ارتكب مجزرة أو لم يرتكب بالمعنى المباشر هو قائم فيبقى محتلا، مغتصبا، سارقا لهذه الأرض ويعمل على تزوير الجغرافيا والتاريخ، ويغيّر معالم الوطن الفلسطيني.

وذكر وهبي أن “تراجع فلسطين لم يقتصر في النص الابداعي العربي بل في النص الابداعي الفلسطيني عينه” الذي لم يعد في الواجهة كما كان في زمن توفيق زيّاد، معين بسيسو ومحمود درويش، سميح القاسم وغيرهم “مع الاحترام لكل من يكتب اليوم عن فلسطين والقضية وأنا واحد منهم واعتبر نفسي فلسطينيا بشكل أو بآخر”.

عند سؤاله عن المطلوب اليوم لإعادة القضية الفلسطينية الى الواجهة في الأدب العربي، أجاب وهبي “إرجاع القضية الفلسطينية الى الوجدان العام، فالحركة الصهيونية والدولة العبرية تذكر العالم يومياً بما أصاب اليهود في يوم من الأيام وتذكر الناس بمزاعمها سواء من خلال الزيارات التي يقوم بها زوار الكيان الإسرائيلي الى ما يسمى حائط المبكى أو نصب الهولوكست” وتساءل “نحن أصحاب الحق هل نذكر كل يوم بما أصاب فلسطين ؟”.

ولفت الى أن هذه المسؤولية لا تقع على عاتق الأدب أو النص الإبداعي فقط بل هي مسؤولية مجتمع وجهات معنية من السلطة الفلسطينية أولاً بكل مؤساستها ورموزها الى منظمة التحرير الفلسطينية، الى الفصائل الفلسطينية المختلفة، ثم إلينا نحن كأدباء وكُتاب مثقفين نرفع لواء فلسطين ونقول أننا ملتزمون بالقضية والحق الفلسطيني لأن الحق لا يموت مع الأيام وفلسطين ليست قضية آنية راهنة تزول مع الوقت ومهما طال عمر الاحتلال سيزول حتماً، نحن لا يجب أن نعتمد على حتمية التاريخ بل السعي لهذا الأمر”.

واستطرد قائلا “طفلة كعهد التميمي بهذه الصلابة والقوة تقبع في الأسر، دماء الشهيدين أحمد جرار وأبو خضير وغيرهم كُثر يشعروننا بالحرج ان لم نكتب عنهم ولو كلمة، لا أحد يستخف بقيمة الكلمة، فإذا كان دم الشهداء يحرس القضية، الأرض، والحق من الضياع، الحبر الملتزم، الفن الملتزم والأدب يحمي هذا الدم”.

عن يوم الأرض الفلسطيني، يقول وهبي” هذه الأرض لنا ومهما بنوا عليها مستوطنات ومستعمرات في النهاية هم خارج الأسوار والدبابات والطائرات والمصفحات ليس بقدرتهم العيش على هذه الأرض لأن الأرض نفسها ترفضهم”.

وختم حديثه قائلاً “لن تُسرق منّا هذه الأرض رغم مرورها بظروف عصيبة، يأتي محتل ومستعمر يقيم عليها لبعض الوقت ويسرق جزء من خيراتها، لكن في نهاية المطاف، هذا المحتل زائل وهذه الأرض باقية لأبنائها وأصحابها، وعندما يصيبكم اليأس أو الإحباط والقنوط انظروا الى أمثال عهد التميمي هذا الجيل الفلسطيني الثالث والرابع بعد النكبة أكثر وأشدّ تمسكاً وتعلقاً بأرضه ربما من أجداده، الأمل موجود، وفي وسط الظلام العربي والخراب ستنبت زهرة لتصبح بستاناً عربياً”

مشاركة