ياسين يروي قصة خزين الألم الفلسطيني في نبتة الصبار
الخميس 26/04/2018صور ـ شبابيك ـ امل الرفاعي
إختار الفنان الفلسطيني الشاب أحمد ياسين رواية الواقع بشكل غير تقليدي، فمن خلال نبتة الصبار العصية على الاقتلاع، والتي تحولت الى دلالة على سكان الارض الاصليين، وجذرهم الممتد عميقا في بلادهم، جسد الوجع الانساني والرغبة في الحياة.
يقول ياسين لشبابيك: بدأت أبحث عن سطح وأرضية تُجسد المعنى ووجدت في النبتة أيقونة الصبر والتعبير عن صمود الشعب الفلسطيني منذ نكبة عام ١٩٤٨، ومقاومته للظلم والتشريد.
يرى في النبتة أيضا شاهدا على أحقية شعبه في الحياة وتجذره في الارض والاستعصاء على الانكسار.
ويضيف أنه من وحي هذه الدلالات والمعاني ومع مشاهد القتل والتدمير إندفع لمحاكاة النبتة التي يشعر أن في داخلها شيئا ُيقال.
ويعيدنا الى قول الشاعر الفلسطيني محمود درويش “نزرع حيث أقمنا نباتا سريع النمو ونحصد حيث أقمنا قتالا” قبل أن يُعدد صفات الصبار بدء من قدرته العجيبة على تحمل أشعة الشمس ومرورا بانكماش خلاياه وإعادة بناء نفسها بفضل المياه المخزنه في اليافه.
يشير ياسين الى أن الصبار لا ينتظر سقوط المطر بل يلائم نفسه مع الظروف الخارجية بالاضافه الى هيكله وشكله الخارجي الذي يساعده على النمو المتواصل والمتجدد.

وفي رد على سؤال “شبابيك” يقول إن الصراع هنا صراع على الارض والهدف من الرسم على الصبار تجسيد الشعب بالارض نفسها “هنا بدأت بأخذ هذه الكلمة بكل ما تحمله من معاني لتكون اسلوبا لأعمالي، فأنا لا اريد الرسم على لوحات قماشية أو ورق، وأطمح أن يكون لي معرضا في الطبيعة لا بالجاليري”.
يضيف ياسين: العالم قرية صغيرة، وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أستطيع أن أوصل فنا محليا بلغة انسانية الى كافة انحاء العالم ولن أكتفي بذلك.
في هذا السياق يشير الى محاولة إبتكار طُرق لنقل تجربته الى أراضي أخرى حيث سبق وأن رسم على الصبار في تونس.
عن بدايات الفكرة يقول: بدأت بعد التخرح، هذا المشروع كان تفريغا لحالة الحزن وعدم القدرة على فعل شيء لكثرة الصور والمشاهد التي تُقشعر لها الابدان.
يسرد مراحل تطور الفكرة قائلا ان “يوم الصبر بالنسبة لي ٢٧/١٢/٢٠١٥، بدأت الفكرة و الرسم على الصبار وكانت عبارة فيكتور هوجو حين إستعاض عن حنان أمه بحنان الأرض الملهمة لهذا العمل.
يُوضح ياسين أن أكبر لوح صبر في الشجرة طوله ٨٠ سم ويُدعى بالنبتة الأم الذي تتفرع منه بقية الالواح.
ويتابع بأن هناك عملا عنوانه تحت انقاض الصبار ـ وهو مجموعة مشاريع يتم العمل عليها حالياً ـ يتحدث عن الاطفال الذين لا يزالون تحت انقاض الابنية في سوريا وغزة، يتكون هذا العمل من طفلين منحوتين بخامة الاسمنت (خامة الابنية المدمرة) كونها تتميز بالثبات والصلابة لتكون شاهدا على جرائم الحرب وقتل الطفولة، مشيرا الى أن هؤلاء الاطفال والابرياء بمثابة ألواح الصبار اليانعة التي تخرج من الألواح اليابسة خروج الأمل والحياة من الحرب والموت.

ولم يكتف برسم الصبار ونحته فقد أدخله في مجال الفن الادائي والتركيبي وما زال يبحث عن أرض بكر في الفن ويرمي حجرا في بركة راكدة لتكون له بصمته الخاصة.
وعن عمل “استمرارية الصبار” الذي يستبدل فيه جهاز التبخيرة بلوح صبار يقول إنه دلالة على أن الشعب الفلسطيني يتنفس صبراً.
ويفيد بأن الصبار يُثمر أفكارا لا تتوقف وهذه الأفكار تُولد رؤية تخيلية لعمل جديد كل يوم.
يقول الفنان الفلسطيني: “كنت ارسم كل يوم، اما الآن لا، لأن الرسم عندي صار مسؤولية اكثر من كونه استعراض موهبة” مشيرا الى معاناته وهو يبحث عن صور تؤثر بعمق حيث كان يرى مشاهد مؤلمة ويختار أكثرها ايلاماً وكلما إعتقد بانه أوصل الرسالة كان الصبار يقول له إن هناك المزيد ودائماً بعد الإنتهاء من كل عمل يسأل نفسه وماذا بعد أن أصبح فنانا. وينهي حديثه قائلا: أنا لا أريد أن يكون الفن مجرد تعبير عن الواقع بل أن يكون له دور في معالجته وأن أساعد ضحايا الحرب واقعياً.
