logo
أبو عامر لـ شبابيك: حراك غزة أعاد القضية الفلسطينية الى الأجندة الدولية
الإثنين 23/04/2018

صور ـ شبابيك ـ أمل الرفاعي

تتزايد الاسئلة المطروحة حول الحراكات السلمية التي يشهدها قطاع غزة منذ يوم الارض، والمآلات التي ستنتهي اليها، وأثرها على المشهد السياسي الفلسطيني خلال المرحلة المقبلة.

في محاولة منه لاضاءة هذه الجوانب التقى “شبابيك” رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الأمة بقطاع غزة عدنان أبو عامر الذي يتابع الحدث عن قرب ويستخلص نتائج تطوراته، وكان هذا الحوار الاستشرافي:

  • لم يكن احياء يوم الارض يوما عاديا هذا العام، بعد أن تلاحقت الفعاليات المنتظمة أيام الجمع في قطاع غزة، وتعددت أشكالها، باعتقادك أين تتجه البوصلة؟

ـ هذه التحركات الشعبية جاءت في أعقاب انسداد الأفق السياسي أمام الفلسطينين واستمرار حصار قطاع غزة بصورة غير مسبوقة وايصاله الى مستويات كبيرة من امتهان الفلسطينين واذلالهم على مختلف الاصعدة الاقتصادية والمعيشية واليومية، الى جانب ذلك يدرك الفلسطينون أن الدخول في مواجهات عسكرية قد يكون مكلفا لهم، لاسيما أنهم لم يتعافوا بعد من تبعات وآثار الحرب الاخيرة على غزة في ٢٠١٤، لهذا جاءت هذه التحركات بطابع شعبي سلمي مدني بحت حقق لهم أهدافا مجتمعة كاعادة قضيتهم الفلسطينية من جديد الى سلم صناع القرار في المجتمع الدولي بعد أن كادت تُنسى، والضغط على اسرائيل لمنع استخدام السلاح الفتاك، هذا العمل الشعبي يمكن من خلاله تحشيد أكبر قدر ممكن من الفلسطينين الى جانب بعضهم البعض من خلال راية فلسطينية واحدة موحدة بعيدا عن أي استقطاب سياسي أو حزبي داخلي.

  • هل دخلنا مرحلة النضال السلمي بعد فعاليات و مسيرات غزة الاخيرة ؟

كان للفلسطينيين نضالهم السلمي، مظاهرات واعتصامات ومسيرات وبيانات وعرائض وتواقيع وعمل سياسي خلال السنوات الماضية لكن من الواضح أن عدم وجود احتكاك بين الفلسطينين والاسرائيليين بعد الانسحاب الاسرائيلي في العام ٢٠٠٥ قلص كثيرا من هامش العمل السلمي والمقاومة الشعبية وانفردت المقاومة المسلحة بهذا الموضوع.

 بعدها أجرى الفلسطينون مجموعة من التقييمات والمراجعات في الكثير من أشكال المقاومة قد يكون موضوع النضال السلمي أقل كلفة عليهم من جهة وأكثر جدوى وعائد لهم من جهة أخرى، لذلك جاءت هذه المسيرة بعد طول حراك ونقاشات كثيرة، لكن من المهم الاشارة ـ حتى نكون واقعيين ـ أن المسيرات كانت بفعل جهود مستقله، انطلق بها شبان وباحثين وصحافيين ونشطاء تواصل اجتماعي، ثم لحقت بهم الفصائل الفلسطينية. لكن ذلك لا يلغي بالضرورة اشكالا أخرى من المقاومة العسكرية المسلحة تبدو الان أكثر صعوبة في استخدامها بفعل عدم توفر التوازن العسكري مع اسرائيل من جهة وعدم وجود بيئة اقليمية عربية داعمة للمقاومة حيث أن هناك دولا عربية مجاورة تقف مع اسرائيل ضد الفلسطينين.

  • طرأت في السنوات الاخيرة تغيرات كثيرة على مسار القضية الفلسطينية، هل تعتقد بقدرة الحراك السلمي على إعادة القضية الى مسارها الصحيح ولفت أنظار العالم الى همجهية ووحشية الاحتلال في التعامل مع أبناء الشعب الفلسطيني؟

ـ الاسرائيليون يتكلمون عن جملة انجازات فلسطينية سريعة خلال الايام القليلة الماضية لعل أهمها اعادة طرح القضية الفلسطينية على أجندة السياسة الدولية والاقليمية بعد تراجعها عدة سنوات ووجود اتصالات عربية للتطبيع وأخيرا دخول صفقة ترامب على الخط، جاءت المسيرات الاخيرة لتلفت أنظار العالم الى وجود قضية فلسطينية ليست متعلقة فقط بالاكل والشرب وحصار ومعيشة، عنوانها العودة الى الاراضي المحتلة  وفك الحصار الظالم عن قطاع غزة،  هذه المسيرات بالتأكيد ستأخذ اشكالا ميدانية وشعبية وقد لاحظت في الأيام الأخيرة أن هناك حالة ابتكار لاشكال كثيرة من المقاومة السلمية التي يذهب الفلسطينيون لها مثل فعاليات ثقافية، تراثية، أعراس تقام على حدود قطاع غزة، محاضرات سياسية، ألعاب دوري كرة القدم، لقاءات، كل هذا الأشكال من شأنها أن تذكر العالم أن هناك شعبا في قطاع غزة يعيش أدنى مستويات الحياة الأدمية في القرن الحادي والعشرين والسبب الأساسي هي اسرائيل ولا بد لاسرائيل أن تدفع ثمن هذا الحصار من خلال الضغط عليها واستنزافها سياسيا وعسكريا وأمنيا بطرق سلمية شعبية دون اللجوء بشكل واضح الى القوة العسكرية المسلحة في المرحلة الحالية على الأقل.

  • ما هي الخطط المستقبلية للحراك السلمي وما الذي سيحققه من نتائج على المدى البعيد وهل هناك امكانية لتحويل مساره الى حراك ثوري؟

ـ قد لا أكشف سرا ان قلت ان الخطط المستقبلية غير واضحة عند اللجان التنسيقية الميدانية لمسيرات العودة، هناك الكثير من اللجان، منها لجان ميدانية يديرها الشباب، لجان تتابع الفعاليات والأحداث على مدار الساعة، وهناك لجان ذات طابع سياسي من الفصائل الفلسطينية، ليس هناك خطط محددة بشكل دقيق لكن ما أعلمه من بعض الأوساط النافذة في المسيرات أن الحراك مستمر بصورة واضحة حتى ١٥/٥ المقبل، ذكرى النكبة الفلسطينية ولا بد أن يستمر ذلك حتى يتم تحقيق اهداف ومطالب على المدى المتوسط في وقت قريب دون الرجوع عنها، بعد ذلك قد يكون هناك نقاش حول حراك قادم.

توجيه الحراك الى “طابع ثوري” متوقف على طبيعة المصطلح وما اذا كان ضمن اطار البقاء في دائرة السلمية كالقاء الحجارة واشعال الاطارات الاعتصامات والتمركز عند الحدود.

اطلاق النار يعطي لاسرائيل هدية مجانية باتاحته استخدام القوة العسكرية المسلحة ضد الفلسطينين وهذا ليس في صالح المسيرات السلمية الشعبية.

  • هل تعتقد بقدرة الحراك على الدفع نحو توحيد مواقف الكل الفلسطيني في الوقت الراهن؟

ـ ربما يكون من المعالم الاولى لمسيرة العودة خلال اللأيام القليلة الماضية أنها وحدت كل الفلسطينين بشكل حقيقي، حتى المختلفين فتح وحماس توحدوا تحت راية هذه المسيرات، ومن اهم معالمها أننا لم نلحظ اطلاقا بعكس السابق أي راية لأي قوى فلسطينية، الراية الوحيدة الموجودة كانت العلم الفلسطيني الرباعي الالوان وهذا انجاز حقيقي. تناسى الفلسطينيون خلافاتهم أو تركوها جانبا وركزوا على مسيرات العودة، صحيح أن الذي كان في الصدارة قوى فلسطينية في غزة والسلطة الفلسطينية لحقت بها لاحقا، لكن الواضح أن هناك حراكا شعبيا واضحا عنوانه الاساسي المقاومة السلمية ضد اسرائيل، استمرار هذه الوحدة منوط بطبيعة الحراك الميداني وطالما هناك لجانا تنسيقية وعدم وجود قرارات انفرادية من قبل هذا الفصيل أو ذاك يمكن المحافظة على البعد الوحدوي الوطني الجمعي العام مع الاحتفاظ بالطابع السلمي الشعبي الكفيل بإبقاء هذه الوحدة الوطنية متجسدة على الارض.

  • نُقل عن منظمات حقوقية أن جميع الشهداء ينتمون الى حركة حماس ما مدى دقة ذلك؟

ـ روايه أن معظم الشهداء من عناصر حماس كلام غير دقيق، الفلسطينيون بطبعهم كلهم محزبون مؤطرون ومنظمون وهذا ليس عيبا، النقطة الخطيرة التي يريد الاسرائيليون تلفيقها أن الشهداء الذين استشهدوا كانوا يحملون أسلحة نارية وهذا كلام غير صحيح، لم اشاهد طفلا يلقي حجرا، أو شابا يُطلق رصاصة، كل الذين استشهدوا من المدنيين السلميين، يحملون رايات وبعيدون مئات الامتار عن الحدود، ليس عيبا ان يتم الاكتشاف لاحقا انهم عناصر من حماس، المهم أنهم ذهبوا الى المسيرة وهم مدنيون لا يلبسون زيا عسكريا ولم يطلقوا رصاصة واحدة في إتجاه الاسرائيليين، اسرائيل تريد أن تلصق هذه المسيرات بحماس لتأخذ مشروعية استهدافها.

  • اذا كانت المسيرات بداية حراك ممتد، باعتقادك ما هي الخطوات المفترضة للوصول الى نتائج ايجابية؟

ـ ما زلنا في البداية، وما زال الوقت مبكرا لجني حصاد هذه المسيرات، هناك خطوات قادمة أخرى بإتجاه تصعيد هذا العمل الشعبي السلمي كاستقطاب متضامنين أجانب، واستصدار بيانات من قبل وزارت عربية وغربية.

في اسرائيل حراك يطالب الجيش بعدم اطلاق النار على المدنيين، حملات في الصحف الاسرائيلية ضد الجيش الاسرائيلي.

ما أرغب التحذير منه وجود وساطات عربية دولية واقليمية لاحباط الحراك الشعبي السلمي عبر تقديم وعود غير دقيقة، هي في حقيقتها عمليات تنفيس وحقن مخدرة لفض المسيرات واحباطها والعودة الى السيرة الاولى.  لذلك على الجميع الحذر وعدم التجاوب مع الوساطات العربية والاقليمية طالما لم تعلن رفع الحصار عن قطاع غزة كليا.

  • ما مدى ضرورة وامكانية العودة الى الانتفاضة الاولى بعد فشل العمل العسكري؟

ـ من الصعب الحديث عن فشل عسكري،عدم اتيان العمل العسكري بنتائج كبيرة لا يعود لعيب فيه ولكن لأن البيئة الاقليمية والمحلية لا تخدمه، الفلسطينيون من الناحية العسكرية كان بلاءهم حسنا، استنزفوا اسرائيل عسكريا وخسروها جنودا وبنى تحتيه … الخ، لكن الحصاد السياسي لم يكن ممكنا.

 هذا لا يعني أن المقاومة المسلحة فاشلة، بقدر ما يعني وجود مشكلة في التوقيت، هناك مثلا سياسيا يقول “ليس من الضروري ان تكون محقا المهم ان تكون حكيما”.

اختيار شكل المقاومة منوط بطبيعة الاوضاع السياسية والميدانية وبذلك قد يكون لجوء الفلسطينين الى هذا الحراك السلمي الشعبي منذ انتفاضة الحجارة في ١٩٨٧ استنساخا لنماذج محلية واقليمية ودولية سابقة من شأنها الضغط على اسرائيل واستنزاف قدرتها العسكرية

مشاركة