logo
جفرا… حكاية العشق الفلسطيني التي ألهمت الشعراء
السبت 20/01/2018

صيدا – شبابيك – أنس يونس علي

 

  بقيت الحكاية لتدخل في تفاصيل الهوية، وتاه اصحابها بين الرواة لتقترب من الاساطير، يضاف لها جديدا في الاعراس، يتأصل فيها، ليصير بعض حيويتها، وجسرا آخر من الحنين الى وطن تعيد صياغته الحكايات.

تعود بداية حكاية جفرا في التراث الفلسطيني  إلى أربعينات القرن الماضي، في قرية “الكويكات” بقضاء عكا.

كانت “رفيقة نايف نمر حسن” وحيدة أبويها بلا أخوة ولا أخوات، سمراء ذات ملامح ناعمة، وأمها خياطة تولي أبنتها الوحيدة كل رعايتها.

  تقدم لها ابن عمها أحمد عزيز مفتول العضلات الذي يحترف قول العتابا والزجل، وتمت الموافقة على خطبتهما وتزوجا حين كان في العشرين من عمله وكانت لم تتجاوز السادسة عشرة بعد.

لم يدم زواجهما طويلا، حيث وجدا صعوبة في التوافق، واصرت أمها على طلاقهما، وبذلك  لم يستمر زواجهما سوى أسبوع واحد.

  دفعه حنينه الى ملاحقتها بعد أستقرارها في بيت أهلها وجرت محاولات لإرجاعها لبيت زوجها إلا أنها رفضت و تزوجت فيما بعد من أبن خالتها محمد إبراهيم العبد لله.

احس بمرارة شديدة حين تلاشى الامل في رجوعها لتخرج من مرارة عشقه الاغنية الاشهر بين الفلسطينيين يتداولونها جيلا بعد جيل، يجددونها ويحملونها بالرموز.

  كان أهالي القرية يمرون أمام بيت احمد الذي كان يطل على الطريق المؤدية إلى عين الماء، وكانت تخرج مع الأهالي متوجهة للعين، ليوقد مرورها جمر شعره، ويطلق بعض ما اختزنه من حنين:

جفرا يا هالربع نزلت على العين …جرتها فضة وذهب وحملتها للزين

جفرا ويا هالربع ريتك تقبريني…وتدعسي على قبري يطلع ميرمية.

  رزقت جفرا بعد زواجها من أبن خالتها بولد أسمه “سامي” وبنت أسمها”معلا” فيما استمر أحمد عزيز في قول قصائده .

صارت  القصائد نمط غنائيا عام 1939 وأنتشرت في جميع أنحاء فلسطين وشاعت بعد عام 1948 في الاردن ولبنان وسورية .

عرف الشاعر الشعبي”أحمد عزيز” بصوته الاجش الحنون ومن أحد أشعر أغانيه “على دلعونا”:

ست الجفاري يا ام الصـنارة              وأخدت الشهرة عاكل الحارة

لوفُت السـجن مع النظـارة                 عن كل اوصالك ما يمنعونـا

إجا لعنّا حبــي بــالسهرة                   راكب عَ كحيلة ووراها مهرة

واسمعت إنو صارت له شهرة              بقول الغناني وشعر الفنونـا.

 

  عمليات البحث عن اصول “جفرا” وصاحبها، ومن ابرزها الدراسة التي قام بها الشاعر عزالدين المناصرة اسفرت عن جمع عدد من الوثائق  احداها عقد زواج الشاعر “احمد عزيز” من زوجته الثانية، والتي  يبدو أنه تزوجها بعد بضعة سنين من طلاقه الـ”جفرا” وتعود إلى الـ29 من مارس عام 1941. ويظهر فيها اسم زوجته الثانية “خديجة خليل خالد” وهي أيضا من قرية “كويكات” وكان أهالي القرى في ذلك الوقت يزيدون عمر الزوجة لكي تكون أكبر سنا مما هي عليه، ويقبل القاضي بتزويجها، وشهادة ميلاد ابن الشاعر “أحمد عزيز” الاول واسمه “علي” في عام 1945 وبطاقة “هوية” الشاعر وفيها صورته وقد بلغ الـ30 من العمر.

   لجأت جفرا وعائلتها إلى مخيم برج البراجنة، وعملت في الخياطة والتطريز كأمها، إلى أن كبر ابنها كامل وتعلم ثم توظف واشترى بيتا في حارة حريك فيما لجأ “أحمد عزيز” إلى مخيم الرشيدية، وجاء في روايات اخرى أنه لجأ إلى مخيم عين الحلوة.

  التقى المناصرة بـ “أحمد عزيز” وكنيته “أبو علي” في مخيم عين الحلوة أواخر شهر شباط عام 1982 حيث جاء في كتابه “الجفرا والمحاورات”:  لقد التقيت أحمد عزيز علي حسن من أهالي كويكات، في مخيم عين الحلوة، وهو من مواليد 1915 تقريباً، وفق “وثيقة اللاجئين الفلسطينيين” التي تصدرها الحكومة اللبنانية.

لم يتوقف تأثر المناصرة بالحكاية عند الدراسة التي اصدرها فقد استوحى منها قصيدة جفرا التي منحت الحكاية بعدا فكريا ووطنيا وغناها مرسيل خليفة وترددت في الوطن الفلسطيني والمنافي.

 

 

 

 

 

مشاركة