logo
شناعة يستذكر المراحل الأولى لإنطلاقة فتح وتفجير الثورة
الإثنين 7/01/2019

صور ـ شبابيك ـ إيمان جمال الرفاعي

إرتبط الفاتح من عام 1965 بتفجير حركة فتح للثورة الفلسطينية، وإقترنت الإنطلاقة التي يجري الإحتفال بها في مثل هذه الوقت من كل عام برمزية الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، حول تلك البدايات وما بني عليها وبمناسبة الذكرى حاور “شبابيك” عضو المجلس الثوري لحركة فتح الحاج رفعت شناعة.

يقول  شناعة عن نشاة الزعيم ياسر عرفات وتاريخه الكفاحي: ولد ياسر عرفات “وهو محمد ياسر عبدالرؤوف القدوة الحسيني” في القدس في الرابع من آب عام 1929، والدته من آل الحسيني وهي من أقرباء عبدالقادر الحسيني والحاج أمين الحسيني أي أن عائلة الحسيني هم أخوال ياسر عرفات.

يشير إلى ان عرفات بدأ حياته النضالية عام 1944 في الخامسة عشرة من عمره حيث كان في ذلك الوقت في قطاع غزة، وكان عبدالقادر الحسيني القائد الميداني العسكري يرى في هذا الشاب الجرأة والروح القيادية.

يضيف أنه عندما كان عبدالقادر الحسيني يُجهز جيش الإنقاذ الذي دخل إلى القدس وخاض معركة القسطل كلف ياسر عرفات أن يكون مندوبه في قطاع غزة، حيث عمل على تشكيل نواة جيش تتحمل مسؤولية القيام بالواجب العسكري في القطاع مما يعني أنه إمتلك صفة القيادة في عمر صغير.

وإستطرد الحاج رفعت قائلا إن أبو عمار بقي في قطاع غزة إلى ما بعد الإحتلال الإسرائيلي نهاية الأربعينيات كشاب فلسطيني لديه طموحه لأن يكون هناك تشكيل عسكري يقاتل الإحتلال الإسرائيلي. كانت هناك أحزابا موجودة في قطاع غزة مثل الحزب الشيوعي وجماعة الإخوان المسلمين الذين كانوا أغلبية، في تلك الفترة حصل تعارف بينه وبين أبو جهاد الوزير وأبو يوسف النجار وكمال عدوان.

وقال إن هؤلاء وجدوا أقرب الطرق أن يكونوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين لاسيما أن لدى الإخوان نظرة بأن هناك عدو والعدو هو إسرائيل، بقي أبو عمار وأبو جهاد حوالي سنة في جماعة الإخوان لكنهما إكتشفا أن ما يريدانه غير موجود في تنظيم الإخوان، الذي لم يكن يؤمن في هذه المرحلة بقتال إسرائيل، لذلك خرج ياسر عرفات وأبو جهاد وبقية الأخوة من جماعة الإخوان وأخذوا يبحثون عن طرق أخرى لأن الأحزاب العربية في تلك المرحلة كانت تتصارع فيما بينها صراعاً حزبياً سياسياً وليس ضد إسرائيل.

وذكر أن هذه المجموعة بدأت تنفذ على أرض الواقع عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي، يجمعون الأموال الممكنة لشراء الديناميت من الصيادين وتصنيع عبوات ناسفة يستخدمونها ضد الآليات الإسرائيلية وفي المقابل تعيش إسرائيل حالة من الخوف لعدم قدرتها على معرفة الجهة التي تقف وراء العمليات.

ويقول الحاج رفعت انه في عام ١٩٤٨ كان الإسرائيليون موجودون وكان الذي  يتحمل مسؤولية غزة إدارياً مصر، ومسؤولية الضفة الغربية الأردن لذلك كانت هناك ملاحقة ومتابعة ليس فقط من قبل الإسرائيلين بل أيضا من قبل المخابرات المصرية التي كانت تريد أن تعرف منفذي هذه العمليات، وإستطاعت المخابرات المصرية أن تصل إلى أبو جهاد وتعتقله لفترة بسيطة ثم أفرجت عنه وعاد ليناضل بذات الطريقة وينظم شباب وطنيين.

يشير إلى أنه في العام ١٩٥٦ حدث  العدوان الثلاثي على مصر. هذا العدوان وفي ذلك الوقت كان أبو جهاد الوزير وكمال عدوان وأبو يوسف النجار وياسر عرفات يكملون دراستهم في مصر وحاولوا القيام بدور في المواجهة حيث إلتحق الأخير بدائرة الهندسة في الجيش المصري وبعد إنتهاء المعركة أصبح هناك نوع من الإستقرار وبدأ النشاط السياسي وكان هناك تشكيل لإتحاد طلاب فلسطين بدأ العمل على حشد الطلاب الموجودين في مصر وكانت العقلية عند هؤلاء الشباب عقلية وطنية خالصة.

في رده على سؤال “شبابيك” يقول الحاج رفعت إنه في مرحلة ما بعد عام ١٩٥٦ تم تنظيم مؤتمر طلابي دولي في ألمانيا شارك فيه إتحاد طلاب فلسطين كمجموعة طلاب معترف بها ومن خلال المؤتمر الذي إستمر عدة أيام إستطاع هؤلاء الطلاب تنظيم إجتماعات متواصلة وبناء أسس لتنظيم قادر على جمع شباب فلسطيني لديه الإستعداد للعمل الوطني ومحاربة إسرائيل.

يشير إلى أنه في نهاية المؤتمر تم وضع تصور لتنظيم سينشأ فيما بعد وإنضم إليهم هناك خالد الحسن الذي يُعتبر أحد أهم المفكرين السياسيين الفلسطينين ويُعد من أهم الذين وضعوا الأسس الفكرية لحزب التحرير كما إنضم أيضا فاروق القدومي الذي كان في حزب البعث السوري.

يقول الحاج رفعت انه في هذه المرحلة أصبح معظم الشباب الفلسطيني يتخلى عن إنتماءاته الحزبية ويلتحق بهذه المجموعة الوطنية التي هي تعمل على تشكيل إطار جديد في الساحة الفلسطينية ، وفي العام ١٩٥٧ إستطاعت هذه المجموعة أن تبلور نوع من التوافق على نظام داخلي لحركة فتح.

في العام ٥٧ أصبح هناك مؤشر ضمني لدى الشباب بأنهم في تنظيم إسمه حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” وهذا التنظيم بحاجة إلى أموال وأسلحة، رأى هؤلاء الشباب أنه يجب التوجه إلى دول الخليج وجمع الأموال وكسب مزيد من الأعضاء.

يستطرد شناعة قائلا: سافرت مجموعة من الشباب إلى دول الخليج، أبو مازن سافر إلى قطر، سليم الزعنون وأبو عمار إلى الكويت، أبو جهاد إلى السعودية، وبدأ هؤلاء بجمع الأموال والتعرف على العمال الفلسطينين لإستقطابهم.

يصف هذه المرحلة بأنها كانت مرحلة إعداد وعمل متواصل وبناء علاقات مع مختلف الأصدقاء، وبدأت عملية النهوض الثوري في العام ١٩٦٢ وهو العام الذي نالت في الجزائر إستقلالها حيث إعتبرت حركة فتح هذا الإستقلال أكبر إنتصار لفلسطين، ونظمت أول زيارة لوفد من حركة فتح للجزائر، كان في هذا الوفد الرئيس أبو عمار وأبو جهاد الوزير، وتم من خلال هذا اللقاء مناقشة قضايا تخص حركة فتح، وأصبح هناك تنسيق في العمق حيث قدم الجزائريون السلاح والذخائر كما سمحت الجزائر لحركة فتح بتنظيم دورات عسكرية للكادر الفتحاوي، ووافق الجزائريون على فتح مكتب للحركة كان المسؤول عنه أبو جهاد الوزير، ومع وجود أبو جهاد في الجزائر ونضوجة السياسي والفكري والوطني بدأ ينشط ويخلق مناخا لحركة فتح في كل العالم.

يشير إلى أنه من خلال تواجد حركة فتح في الجزائر والقيام بالدورات التي كانت تستكمل في دول آخرى كان لدى أبو عمار قناعة بأن الجزائر منطلق والجزائريون فتحوا طريقا لبناء علاقات وبناء على ذلك جرت زيارات إلى كل من الصين وفيتام كما ساهمت العلاقة مع الجزائر في فتح قنوات مع الرئيس جمال عبدالناصر، كما  قامت حركة فتح بقيادة أبو عمار وأبو جهاد الوزير بزيار موسكو برفقة عبدالناصر، وإستقبل الروس أبو عمار الذي لقب نفسه أثناء الزيارة “رفعت محمد” وناقشوه وكانت خطوة مهمة وأصبح ياسر عرفات يبني علاقات مهمة على المستوى الدولي وليس فقط عربياً وإقليمياً.

يضيف أن الجزائر فتحت طريقا بإتجاه سوريا حيث أُعجب السوريون بفكرة قتال إسرائيل وتحرير الأرض وأخذ السوريون قرارا بوضع الأراضي السورية تحت تصرف الحركة التي عملت من ناحيتها على بناء خلايا في سوريا وأصبح لها قواعد عسكرية.

يقول الحاج رفعت إنه مع عملية الإنطلاقة بدأت حركة فتح ببناء قواعد إرتكازية في مناطق قريبة من الأراضي المحتلة وأحيانا داخل الأراضي المحتلة وأصبحت تبحث عن تواجد مجدي من ناحية عسكرية مشيرا إلى دخول أبو عمار إلى الداخل وإنشاء قواعد عسكرية تتولى التنظيم والتسليح.

وأفاد بأن قيادة حركة فتح أخذت بعد هزيمة 1967 قرارا واضحا بتكوين الذات العسكرية الفتحاوية الفلسطينية سواء داخل فلسطين أو خارجها، وشكلت مجموعة عسكرية ضمن تعليمات وغرفة عمليات توجهت إلى المناطق التي حصل فيها صراع بين الجيوش العربية وإسرائيل وخاصة المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية وخاضت  معارك عسكرية ضد الإسرائيليين وبنت قواعد إرتكازية ومستودعات خاصة لتخزين الأسلحة والذخائر.

وذكر أن العمليات العسكرية أصبحت أسهل بعد إحتلال الضفة الغربية و”بدأنا ننفذ عمليات ضد الإحتلال الإسرائيلي وهذا ما أعطانا قوة وصلابة أمام العالم العربي حيث أصبحت المراهنة عربياً على حركة فتح وأصبح لدينا جسم عسكري وخضعنا لدورات عسكرية في عدة بلدان منها فيتنام وأقمنا تدريبات عسكرية داخل المخيمات وأصبح لنا في سوريا قواعد عسكرية أبرزها موقع ” الهامة” الذي كان تحت إشراف أبو علي إياد وتدرب فيه العديد من القيادات.

وأكد على أهمية منهجية حركة فتح في تلك الفترة والتي كان يبرمجها ياسر عرفات وتقوم على “أن لا نحدث نكسة جديدة لأن الأمة العربية لا تتحمل نكسات أخرى، فنحن رافعة الحمل الوطني الفلسطيني” مشيرا إلى إشادة الرئيس جمال عبدالناصر بحركة فتح والروح التي تعمل بها الحركة كما أشاد بأبي عمار وبدأ الشعب العربي يستعيد معنوياته بعد الهزيمة.

ويقول إن التفكير إتجه في هذه الفترة نحو بلورة العلانية بشكل أوضح والدخول إلى المخيم الفلسطيني أينما كان سواء في لبنان أو سوريا أو الأردن أو الداخل المحتل وفي العام ١٩٦٧ تم الإعلان عن ياسر عرفات ناطقا رسميا بإسم الثورة الفلسطينية.

يضيف قائلا انه عندما إنعقد المجلس الوطني في العام ١٩٦٩، كان أحمد الشقيري هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن الوضع الفلسطيني أصبح في وضع مقاومة عسكرية وقدم الشقيري إستقالته لأن منظمة التحرير التي أنشأتها الجامعة العربية لا تسمح بأن يكون هناك عمل عسكري بل عمل سياسي جماهيري، ونشأت تنظيمات أخرى إلى جانب فتح مثل الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وغيرهما، وإنعقد المجلس الوطني وتم إختيار ياسر عرفات قائدا عاما لقوات الثورة ورئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وأصبحت هناك دوائر داخل منظمة التحرير الفلسطينية لا سيما الدائرة العسكرية التي تسلمها زهير محسن فيما تولى فاروق القدومي الدائرة السياسية.

عن معركة الكرامة يقول شناعة في رده على سؤال “شبابيك” إن العدو الإسرائيلي شن حرباً على منطقة الكرامة في غور الأردن للقضاء على الثورة الفلسطينية، قاومت حركة فتح إلى جانبها قوات التحرير الشعبية وكان هناك تواجد للقيادة العامة التي رفضت الدخول في المعركة وإعتبرتها حرب عصابات.

يضيف شناعة أن فتح إعتبرت هذه المعركة معركتها ويجب المواجهة وتم وضع خطة عسكرية وكانت القيادات جميعها موجودة في الميدان على رأسهم أبو عمار، وإستخدمت فتح قذائف الأر بي تو والقليل جداً من قذائف الار بي سفن، بدأت المعركة في الساعة الخامسة والنصف صباحا وطلب العدو الإسرائيلي وقف إطلاق النار حوالي الساعة السادسة والنصف إلا أن حركة فتح لم توافق قبل الثامنة والنصف مساءً، مشيرا إلى مساندة كتيبة من الجيش الأردني لحركة فتح.

يقول شناعة: بدأ حضورنا في لبنان عام 1969 وكان أبو عمار يؤمن أن فلسطين بمقدساتها أغلى من الوطن العربي وأن الوطن العربي يجب أن يكون جبهة واحدة من أجل تحرير فلسطين لذلك يجب أن تشتعل الحدود العربية مع الإحتلال الإسرائيلي سواء رضوا أو لم يرضوا.

ويرى أن ياسر عرفات رمز وهو الأقدر على إدارة الصراع لكن أبو مازن الآن بوعيه الكامل يواجه مخططات خطيرة ضد السلطة الفلسطينية وضد منظمة التحرير الفلسطينية.

يضيف قائلا: نحن نرى الإعتداءات الإسرائيلية الممنهجة ضد شعبنا ومؤسساتنا من قتل وتدمير وإقتلاع برضى عربي ودعم مطلق أمريكي وليس من السهولة على أي شخص أن يقف أمام هذه التحديات.

ويشير إلى أن ما كان بين يدي أبو عمار في السابق غير موجود اليوم بين يدي أبو مازن، أبو عمار كان يملك إمكانيات مالية وكان عندما يطلب شي يحصل عليه، اليوم هناك ضغط أمريكي إسرائيلي لتجفيف الموارد المالية على السلطة ومنظمة التحرير.

يستطرد قائلا: حتى نحن في حركة فتح لم نعد كما كنا النفسيات تغيرت والقدرة على العطاء تبدلت والقناعات تزعزعت خاصة بعد نشوء حركة حماس التي بدأت تصارع وتقدم نفسها كبديل عن منظمة التحرير، وذهبت نحو التنسيق مع الإحتلال وأصبحت تشكل جبهة ضد فتح، وأيضاً حالة الإنقسام التي لم تكن موجودة في السابق أيام الرئيس أبو عمار، اليوم هناك دول عربية وإسلامية تمنع إتمام المصالحة، أبو مازن لم يدخر جهداً في سبيل تحقيق المصالحة ولكن الإخوان المسلمين يسعون إلى منع إتمام المصالحة فهم يرون أنهم ليسوا بحاجة إلى فلسطين كلها، هم بحاجة  فقط إلى إمارة في غزة وهذه الطموحات على حساب القضية الفلسطينية.

ويشدد على أن عباس يطالب بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشريف بينما تطالب حماس بالتهدئة مقابل فك الحصار.

 

 

مشاركة