logo
عائلات عين الحلوة تنتظر أبناءها الهاربين من الجوع إلى الثقب الاسود
الخميس 24/05/2018

صيدا ـ شبابيك ـ رشا حيدر

 

بين جدران البيوت المتراصة والفقر والكثافة السكانية والمعارك المستمرة التي سلبت أهل مخيم عين الحلوة الإستقرار والأمان وإستباحت دماءهم قصصا تُروى عن المغامرة بالحياة على أمل العثور على غد أفضل.

وجد أبناءه أنفسهم في رحلة البحث عن الفردوس المفقود وما كانوا يعرفون بأنهم في طريقهم الى الموت قرب الشواطئ الليبية.

ربما لم يدُر في خلد محمد غسان سعدة (35عاما)، وزوجته الحامل وإبنه شادي البالغ من العمر عامين أن الرحلة الى ليبيا قد تكون الاخيرة بعد أن باع سيارة الأجرة التي كان يعمل عليها وأثاث منزله (النص عمر) كما وصفته شقيقته الكبرى ليلحق بأخويه اللذين هاجرا الى ألمانيا منذ 4 أعوام.

11 الف دولار أميركي المبلغ الذي طلبه منه السمسار لإيصال 3 اشخاص إلى ليبيا ومن هناك إلى ألمانيا.

 لم يكن سعدة وعائلته الصغيرة وحدهم في رحلتهم إلى المجهول، فقد رافقهم عدد من شبان المخيم على نفس القارب عن طريق مصر ومن ثم إلى ليبيا رغم الخطر المحدق بهم وعلى الرغم من ذلك صمموا على الهجرة.

تقول شقيقته إسراء التي لا تكف عن الدعاء له وتنتظر والعائلة أي خبر يطمئنهم أن الأسباب التي دفعت محمد إلى الهجرة كانت حالته المادية الضيقة للغاية فهو يعمل سائق تاكسي ويسكن في بيت بالايجار، ويعاني منذ الولادة من إعاقة في قدمه  تمنعه من العمل الشاق.

وتضيف خلال حديثها لـ “شبابيك” إشترى له أشقائي سيارة أجرة يعمل عليها بلوحة خاصة وهذا ممنوع في القانون اللبناني، إذ يجب على صاحب السيارة أن تكون لوحتها حمراء يبلغ ثمنها 60 مليون ليرة لبنانية، لذا كانت تُحجز سيارته في كل مرة ويدفع غرامة نحو مليون ليرة لبنانية. ومع تكرار المخالفة لم يجد سوى الهجرة إلى الموت ملاذه الوحيد لتأمين حياة كريمة  وبكرامة في البلدان الاوروبية.

عندما وصل إلى ليبيا أنفق المال الذي كان معه، تستطرد إسراء في رواية القصة: وإتصل بنا مرات عديدة لكننا لم نستطع إرسال المال له بسبب أوضاعنا المادية الصعبة فوالدتي أرملة وليس لدينا دخل وبعد أيام أبلغنا أنه سيهاجر إلى إيطاليا مع عدد من الأفارقة ومنذ أربعة أشهر إنقطعت أخباره. هناك من يقول أنهم غرقوا وهناك من يقول أنهم في سجن خفر السواحل الإيطالية ولا نملك سوى الأمل والدعاء.

علاء حمودة (29 عاما) خريج إدارة أعمال ومكاتب من الجامعة اللبنانية الدولية حاله مثل حال الكثير من الشباب الفلسطيني الذي لم تنفعه شهادته إلا في الحصول على لقب عامل متعلم.

جلس خمسة أعوام في البيت يندب حظه وإضطر للعمل كمتطوع في الجمعيات الخيرية، وفي الطوبار، الامر الذي جعله ينظر إلى أوروبا بإعتبارها المكان الوحيد الذي سيحقق فيه أحلامه وأماله في العمل بشهادته.

قصة علاء ومحمد هي غيض من فيض معاناة الفلسطينيين في لبنان منذ نكبتهم الكبرى، طحنتهم آلة الموت التي لا تتوقف عجلاتها عن الدوران وهم يبحثون عن الإستقرار والحياة الكريمة، وما زالت ظروف المخيم قادرة على إدامة مغامرة الهجرة غير المأمونة لتتحول الى متوالية تلقي الشباب وعائلاتهم دون رحمة في ثقب اسود.

مشاركة