ماراثون الحفاظ على “القطبة” الفلسطينية
الإثنين 12/02/2018بيروت – شبابيك ـ لميس ياسين
التطريز الفلسطيني، رمز من رموز الهوية الفلسطينية، جزء لا يتجزأ من التراث ، وفن من أهم الفنون الشعبية المتوارثة عبر الأجيال، نحافظ من خلاله على التراث الذي تحاول اسرائيل طمسه والاستيلاء عليه.
في حديث خاص مع موقع “شبابيك”، قالت سميرة صلاح صاحبة مشغل “تراث بلادنا” وهو مشغل تطريز للسيدات الفلسطينيات، ان التراث الفلسطيني مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالهوية الفلسطينية، بالأرض، كما بالثوب وبكل شيء يرمز لفلسطين وانه يتجسد بالتراث اياً كانت اشكاله الغناء، التطريز، الدبكة، وغيرها.
عن تجربتها في هذا المجال أشارت صلاح الى انها أسست المشغل في الـ 2004 واتخذت الجانب العصري من التطريز. وقالت “كنت مقتنعة تماماً اننا لكي ننجح في نشر عمل ما لا بد ان يكون بسيطاً وفي متناول الجميع أي الفقير والمتوسط والغني لأن التطريز ليس حكراً على الاغنياء وأصحاب الثروات، وهذا من أسباب نجاح مشروعنا”.
وأوضحت صلاح، أن التطريز انتشر وتوسع اكثر في محيط اللاجئين بعد السبعينات حيث أُنشئت مؤسسات تنتج هذا العمل كجزء من التراث الفلسطيني وتحث على أهميته والتأكيد عليه حتى لا ينسى الفلسطينيون انهم أصحاب ارض ووطن وهوية وثوب وقطبة فلسطينيين.
ولفتت الى ان الفلسطينيين في الداخل حافظوا على التطريز، رغم محاولات اسرائيل الحثيثة لتشويه هذا التراث ونهبه لاثبات انه ملكاً لها.
تمتاز كل مدينة وقرية في فلسطين بثوب خاص بها، يمكن معرفة من أيّ مدينة تنحدر امرأة فلسطينيّة بمجرّد النظر إلى ثوبها، تقول صلاح. فالنقب مثلاً عندها ثلاثة أثواب، بالاضافة الى الثوب المقدسي، وثوب رام الله، وثوب طولكرم، وبعض القرى الفلسطينية لا تملك اثوابا تميزها بل لباسا معيّنا يرمز لتراثها.
وأشارت صلاح الى ان جمعية انعاش المخيم الفلسطيني كان لها بداية رائعة في التطريز الفلسطيني من حيث الالوان والاشكال وابدعت في عملها خلال السبعينات وما زال عملها مميزا حتى يومنا هذا.
واستطردت صلاح “لم يبق الوضع على حاله، من الثمانينيات وصاعداً كثرت المراكز والجمعيات التي تعمل في مجال التطريز اليدوي وأصبح في كل مخيم اكثر من مركز في ظل تنافس مشروع، مشيرة الى انه كلما زادت المراكز في الانتاج يجب ان يقدم الأفضل، وكل ما ينشأ مركز جديد يجب ان يتميز او نكمل بعضنا حتى نبتعد عن المضاربة في هذا الشق”.
عن المخاطر التي تهدد التطريز اليدوي، قالت صلاح ان الخطورة الأولى تكمن في الماكينات التي أصبحت بعض المؤسسات تلجاً اليها في التطريز.
“نحن محظوظون لانو عنا اوروبا، التي تقدر قيمة هذا العمل وقيمة القطبة الفلسطينية، فالمعارض التي تنظم في اوروبا نبيع فيها اكثر من المعارض التي يتم تنظيمها في الدول العربية، لذا يجب ان نكثف علاقتنا بالغرب من هذه الزواية لانهم يعتبرون هذا التراث فلسطينيا وملكنا وحدنا”، تقول صلاح.
وعن الأساليب التي يجب اتباعها لتوريث الجيل الجديد هذا التراث، أوضحت صلاح أنه يجب تكثيف الدورات وورش العمل التي تعلم الجيل الجديد القطبة الفلسطينية للحفاظ عليها من الاندثار. فمشغل “تراث بلادنا” يطلق دورتين كل عام، واحدة في عين الحلوة باعتباره اكبر مخيم للاجئين، وأخرى في شاتيلا أو نهر البارد. وهذا العام سيكون هناك 3 دوارت الأولى في شاتيلا، الثانية في الجامعة الاميركية في بيروت تلبية لطلب بعض طلاب الجامعة والتي ستكون ممولة ذاتيا منهم، أما الثالثة فستكون في مخيم عين الحلوة.
كخطوة مميزة لإعادة إحياء التطريز اليدوي كجزء من التاريخ والتراث الفلسطيني في الجامعات، يخطط النادي الثقافي الفلسطيني في الجامعة الاميركية في بيروت بالتعاون مع مشغل “تراث بلادنا” لعقد دورات وورش عمل لتعليم التطريز لبعض الفتيات المنتسبات للنادي وهن من مختلف الاختصاصات، علماً ان النادي يضم الطلاب المؤيدين للقضية الفلسطينية وليس الفلسطينيين فقط.
“الفكرة نتاج عدة نقاشات اسفرت عن ضرورة التفكير في عمل ما يُعرّف بالقرى والمدن الفلسطينية، ويُذّكر بالتاريخ الفلسطيني، فاعتمدنا التطريز باعتباره أسلوبا جديدا ومغايرا لتلقين التاريخ أو التراث”، قالت إحدى الطالبات الفلسطينيات.
وأضافت “فكرنا كيف يمكن أن نحافظ على عاداتنا وتقاليدنا لاسيما في الوقت الراهن، وخاصة بعد مشاهدة فيلم “Stitching Palestine” أو “خيوط السرد” للمخرجة اللبنانية كارول منصور الذي تحدثت فيه عن التطريز الفلسطيني التقليدي.
وعن تفاصيل هذه الدورات، أشارت الطالبة الفلسطينية الى أنه سيتم تقديم خلفية عن تاريخ كل قرية أو مدينة فلسطينية وكيف تهجر سكانها منها وكيفية التطريز فيها والقطبة التي تميزها عن غيرها. رسم التسجيل في الدورة هو 5000 ليرة لبنانية فقط، وهو مبلغ رمزي لتأمين أجرة المعدات فحسب. والدورة ستكون لمدة شهر كامل، قد تبدأ في 20 او 27 الشهر الحالي، يوم واحد في الأسبوع، سيتم خلالها تعليم المشاركين أساس القطبة الفلسطينية. وبعد انتهاء الدورة سيتم اقامة حفل لعرض ما تم انتاجه خلال ورشة العمل.
حول الهدف من هذه الدورات، قالت “ان الهدف من ورش العمل هذه إعادة إحياء التطريز اليدوي والتأكيد على أهمية وجوده في المجتمع والتنبيه الى ان التطريز ليس مجرد جزء من تراثنا وتاريخنا ونشتريه فقط في المناسبات اذا تمكنا من شرائه اساساً، بل عاملاً أساسياً لإعادة تجمعنا حول عمل موحد ننتمي اليه جميعاً.