logo
مرارة المجزرة في حلوق الناجين من صبرا وشاتيلا بعد 36 عاما على وقوعها
السبت 15/09/2018

صيدا – شبابيك ـ رشا حيدر ووسام محمد

رغم مرور 36 عاما على حدوثها ما زالت مجزرة صبرا وشاتيلا حاضرة في الضمير الإنساني ، تدق نواقيسها ذاكرة الذين عاشوها، ويتحدث الناجون منها عن آلامهم، وفقدان أحبتهم فيها.

تقول كوكب مصطفى وهي إحدى الناجيات من المجزرة لـ “شبابيك: كنت أنشر الغسيل حين لمحت قدوم جارتي اللبنانية مذعورة، أشارت لي بالنزول عن سطح البيت بسرعة، إعتقدت أن أحد أبنائي أصيب بمكروه، وعلمت فيما بعد أنها جاءت تحذرنا بعد ملاحظتها دخول مسلحين إلى المخيم.

تضيف مصطفى “حملت أطفالي وهربت إلى أحد المنازل المجاورة للمخيم، أدعو الله أن لا يبكي إبني الصغير محمد، كي لا يُكشف أمرنا”. وتردف قائلة وهي تكفكف دموعها “كنت أرى المسلحون يجولون داخل المخيم يحملون البلطات والسكاكين في الليل الذي أصبح نهارا بعد إلقاء جيش العدو القنابل المضيئة تسهيلا لجريمة المليشيات.

تتوقف قليلا عن الحديث وكأنها تتذكر أمرا فاتها: كانوا يرددون أخرجوا من مخابئكم أيها الإرهابيون سنقتلكم جميعا.

حين نفذ الحليب أذابت كوكب مصطفى الطحين بالماء وأضافت له السكر وأطعمته لطفلها الرضيع كي لا يبكي ويفتضح الأمر، لكنهم سرعان ما إكتشفوا مكاننا وما كان منها إلا أن قفزت من النافذة مع أولادها.

نجت في نهاية الأمر ورحلت جارتها وزوجها الذي أصر على البقاء ليحمي نساء المخيم.

يقول صالح الصالح: أطلقوا النار علينا دون معرفة الأسباب، كنت أجلس في المقهى، دخلت لأغسل يدي، وحين خرجت وجدت جميع الذين في المقهى غارقين في دمائهم، لطخت نفسي بالدم وإرتميت على الأرض داعيا الله أن لا يكتشف أمري.

يضيف الصالح قائلا “كنت أزحف قليلا قليلا وأتظاهر بالموت كلما سمعت صوتا حتى وصلت إلى بيتي، زحفت فوق الجثث والبطون المبقورة والرؤوس المقطوعة، أذكر انني سمعت صوتا فرميت نفسي فوق جثة ملقاة على الأرض، كانت المرأة على قيد الحياة، إبتعدت عنها دون أن أستطيع تقديم يد العون لها”.

يقول ردا على سؤال “شبابيك”: جميع الذين سقطوا في الليلة الأولى قُتلوا بصمت، بسلاح أبيض، كي لا ينتبه الباقون ويلوذون بالفرار إلى خارج المخيم، عائلات بأكملها قُتلت وهي تتناول طعام العشاء أو تغط في نومها.

سرنا بصمت وراء الحاجة أمونة إلى مكان بيتها القديم الذي تحول الى محل تجاري لتبدأ قصتها قائلة “الأسى ما بينتسى” وتشير إلى مكان تواجد العائلة في تلك الزاوية من المحل.

وجدت الحاجة أمونة عائلتها ـ زوجها وحماتها وأبناءها السبعة وأقارب زوجها ـ جثثا حمراء مما أدى إلى فقدانها الوعي وبعد إنسحاب القتلة والسماح للصليب الأحمر بالدخول تفقدت الجثث ولم تشعر بنفسها إلا وهي خارج البيت تقلب الجثث المقطعة. دخلت إلى بيت جارتها الذي تجمعت فيه أكثر من عشرة عائلات، نساء وأطفال غادر أزواجهن وأباءهم المخيم لمحاربة الإسرائيليين، جميعهن قتلن مع أولادهن، وبعدها لم تستطع العيش داخل المنزل، باعته وإشترت أخر داخل المخيم.

تتناسل القصص حول مأساة مخيمي صبرا وشاتيلا، يرويها من كتبت لهم النجاة من الموت، علهم يستطيعون خدش ما بقي من ضمائر، يغمض أصحابها أنظارهم عن معاناة لم تزل قائمة.

مشاركة