7000 عائلة منسية على هوامش تجمع صيدا القديمة
الخميس 6/09/2018صيدا ـ شبابيك ـ رشا حيدر
يعتبر تجمع صيدا القديمة من أكثر الأحياء إكتظاظا بالسكان، يصل عدد اللاجئيين الفلسطينيين فيه إلى قرابة الـ 7000 عائلة جاءت عن طريق البحر من المدن الفلسطينية عام 1948.
لا يختلف حال الفلسطينيين في صيدا القديمة عن أحوال باقي اللاجئيين في كافة المخيمات فقد رافقهم الفقر والعوز والبطالة ولم يفارقهم منذ النكبة.
تمتهن غالبية سكان تلك الأحياء مهنة صيد السمك بسبب القرب من البحر حيث تقاسمت المهنة مع الجيران اللبناينين.
يقول إبراهيم الصياح (48عاماً): ورثت مهنة الصيد من والدي الذي كان يعمل صيادا في مدينة عكا قبل النكبة وبعد أن هجرنا إلى لبنان تعلمت منه المهنة ونعيش بما يجود به البحر علينا مع إخواتنا اللبنانيين.
لا يقتصر الأمر على مهنة الصيد فقد تقاسم اللبنانيون والفلسطينيون مهنا أخرى في المدينة الجنوبية حيث يقول محمد حمادي (67عاما): ولدت في هذا التجمع وأعيش عيشة متقاربة مع أبناء مدينة صيدا، نحن وهم جيران في المعاناة والفقر، ففي هذه البقعة المنسية أخوتنا اللبنانيين ليسوا في حال أفضل من حال الفلسطينيين.
يضيف قائلا: لم يبخلوا علينا، تقاسموا معنا مهنهم، تعلمت مهنة تنجيد الأثاث من معلم لبناني إمتهنتها عنده وأنا في سن الـ 15 عاما، ووالدي كان يعمل حلوانيا ومازال أخي حتى الأن يعمل في محل والدي الذي إستأجره عندما وصل إلى صيدا.
للأوضاع الصحية في هذا التجمع الفلسطيني قصة أخرى حيث تتوزع العائلات على المستشفيات التي تتعاقد معها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” ولا تفي بالغرض فهي لا تغطي كل سكان التجمع مما يضطر الأهالي إلى الذهاب للعلاج على نفقتهم الخاصة أو إلى عيادة الأونروا الوحيدة في “حي النجاصة” في مدينة صيدا.
من الناحية التعليمية يعتمد اللاجئون على مدرستي “سلما” و”عكا” التابعتين للأونروا اللتين تقدمان التعليم حتى المرحلة المتوسطة ثم يكمل الطلاب تعليمهم الثانوي في مدرسة بيسان في مخيم عين الحلوة.
تقول زينب العكاوي المقيمة في صيدا القديمة لـ”شبابيك”: إضطررت للإنتقال فجأة إلى مخيم عين الحلوة لإكمال دراستي الثانوية، كان الأمر مخيفا بالنسبة لي بسبب الإشتباكات المتكررة هناك وجهلي بالمنطقة والمخارج في حال حصول إشتباك.
تستطرد قائلة “لا قدرة لوالدي على تسجيلي في مدارس حكومية أو خاصة مما إضطرني للذهاب رغم الخطر”، مشيرة إلى أنها تعرضت للحصار داخل المخيم حتى وصل والدها وأخرجها.
وتتوقف عند المطالبة أكثر من مرة بفتح صفوف ثانوية في المدرسة لكن الأونروا رفضت بحجة عدم توفر أماكن ومدرسين.
من الناحية التنموية تفتقر أحياء تجمع صيدا القديمة لأية أنشطة شبابية سواء كانت توعوية أو ترفيهية.
يقول حسين أبو نعاج (24 عاما): ولدت في هذه الأحياء ودرست الهندسة الكهربائية وأرى كغيري من الشباب حاجة هذا المكان لرعاية مؤسساتية وخدماتية توعي الشباب وتثقفهم.
ويضيف خلال إتكائه على جدار في أحد الأزقة: لا عمل لدي، بحثت ولم أجد، مما إضطرني للعمل عامل نظافة في بلدية صيدا، إستلمت وظيفة كنس الطرقات لمدة 5 أشهر، تعرضت خلالها لضربة شمس وكدت أن أموت، ويشير إلى أن كل ما كان يتقاضاه يوميا قرابة الـ10 دولارات أو أقل.
يقول أبو نعاج: تبقى المقاهي والطرقات ملجأنا وملاذنا، حالي كحال العشرات لكنه أفضل من أحوال الكثيرين كوني لم ألجأ إلى الهروب من الواقع بالمخدرات.
إلى جانب صرخة حسين تعلو صرخة علي وهو يجهز رأس النرجيلة قائلا: نريد أن نحيا، نريد أن نعيش حياة كريمة، بلغت 29 عاما ولا أملك سوى ثمن علبة المعسل التي أًروح بها عن نفسي، لست عاطلا عن العمل، أعمل في مهنة لا أحبها ومسؤول عن أمي واخوتي بعد وفاة والدي، وأجد بين هذه الأزقة القديمة متنفساً وفي دخان النرجيلة راحة، وأتمنى أن تلتفت المنظمات الحقوقية والشبابية إلينا، كوننا لا نعيش داخل المخيمات لا يعني أن وضعنا أحسن، أذهب دائماَ إلى مخيم عين الحلوة حيث يوجد عشرات المؤسسات والمنظمات الشبابية التي تهتم بالشباب هناك.